في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِزِينَةٍ ٱلۡكَوَاكِبِ} (6)

( إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب ، وحفظاً من كل شيطان مارد ، لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب ، دحوراً ولهم عذاب واصب ، إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ) .

بعد ما مس في مطلع السورة شطر الأسطورة الخاص بالملائكة ، عاد يمس هنا شطرها الثاني وهو الخاص بالشياطين . وكانوا يزعمون أن بين الله وبين الجنة نسباً . وبعضهم كانوا يعبدون الشياطين على هذا الأساس . وعلى أساس أن الشياطين يعرفون الغيب لاتصالهم بالملأ الأعلى . .

وبعد ذكر السماوات والأرض وما بينهما وذكر المشارق . . إما مشارق النجوم والكواكب . وإما المشارق المتوالية على قطاعات الأرض . وإما هذه وتلك وأنوارها وأضوائها . . يجيء ذكر الكواكب :

( إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب ) . .

ونظرة إلى السماء كافية لرؤية هذه الزينة ؛ ولإدراك أن الجمال عنصر مقصود في بناء هذا الكون ؛ وأن صنعة الصانع فيه بديعة التكوين جميلة التنسيق ؛ وأن الجمال فيه فطرة عميقة لا عرض سطحي ؛ وأن تصميمه قائم على جمال التكوين كما هو قائم على كمال الوظيفة سواء بسواء . فكل شيء فيه بقدر ، وكل شيء فيه يؤدي وظيفته بدقة ؛ وهو في مجموعه جميل .

والسماء . وتناثر الكواكب فيها ، أجمل مشهد تقع عليه العين . ولا تمل طول النظر إليه . وكل نجمة توصوص بضوئها وكل كوكب يوصوص بنوره ؛ وكأنه عين محبة تخالسك النظر ؛ فإذا أنت حدقت فيها أغمضت وتوارت ؛ وإذا أنت التفت عنها أبرقت ولمعت ! وتتبع مواقعها وتغير منازلها ليلة بعد ليلة وآناً بعد آن متعة نفسية لا تملها النفس أبداً !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِزِينَةٍ ٱلۡكَوَاكِبِ} (6)

يخبر تعالى أنه زين السماء الدنيا للناظرين إليها من أهل الأرض { بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ } ، قرئ بالإضافة وبالبدل ، وكلاهما بمعنى واحد ، فالكواكب السيارة والثوابت يثقب ضوءها جرم السماء الشفاف ، فتضيء{[24916]} لأهل الأرض ، كما قال تعالى { وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ } [ الملك : 5 ] ، وقال : { وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ . إِلا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ } [ الحجر : 16 - 18 ] .


[24916]:- (2) في ت، س: "فيضئ".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِزِينَةٍ ٱلۡكَوَاكِبِ} (6)

{ إنا زينا السماء الدنيا } القربى منكم . { بزينة الكواكب } بزينة هي { الكواكب } والإضافة للبيان ، ويعضده قراءة حمزة ويعقوب وحفص بتنوين " زينة " وجر { الكواكب } على إبدالها منه ، أو بزينة هي لها كأضوائها وأوضاعها ، أو بأن زينا { الكواكب } فيها على إضافة المصدر إلى المفعول فإنها كما جاءت اسما كالليقة جاءت مصدرا كالنسبة ويؤيده قراءة أبي بكر بالتنوين ، والنصب على الأصل أو بأن زينتها { الكواكب } على إضافته إلى الفاعل وركوز الثوابت في الكرة الثامنة وما عدا القمر من السيارات في الست المتوسطة بينها وبين السماء الدنيا إن تحقق لم يقدح في ذلك ، فإن أهل الأرض يرونها بأسرها كجواهر مشرقة متلألئة على سطحها الأزرق بأشكال مختلفة .