إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِزِينَةٍ ٱلۡكَوَاكِبِ} (6)

{ إِنَّا زَيَّنَّا السماء الدنيا } أي القُربى منكم { بِزِينَةٍ } عجيبة بديعة { الكواكب } بالجرِّ بدلٌ من زينةٍ على أن المرادَ بها الاسمُ ، أي ما يُزان به لا المصدرُ فإنَّ الكواكبَ بأنفسها وأوضاع بعضِها من بعضٍ زينةٌ وأيُّ زينةٍ . وقرئ بالإضافة على أنَّها بيانيةٌ لما أنَّ الزِّينةَ مبهمة صادقة على كلِّ ما يُزان به فتقع الكواكب بياناً لها ويجوزُ أنْ يُراد بزينةِ الكواكبِ ما زُيِّنت هي به وهو ضوؤها . ورُوي عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما : بزينةِ الكواكبِ بضوءِ الكواكبِ . هذا وإمَّا على تقديرِ كون الزِّينةِ مصدراً فالمعنى على تقدير إضافتها إلى الفاعل بأنْ زانتِ الكواكبُ إيَّاها ، وأصله بزينة الكواكب . وعلى تقدير إضافتها إلى المفعولِ بأنْ زانَ اللَّهُ الكواكبَ وحسَّنها ، وأصله بزينة الكواكب . والمرادُ هو التَّزيينُ في رأي العينِ فإنَّ جميع الكواكب من الثَّوابتِ والسَّياراتِ تبدو للنَّاظرينَ كأنَّها جواهرُ مُتلالئةٌ في سطح سماء الدُّنيا بصورٍ بديعةٍ وأشكال رائعة ولا يقدحُ في ذلك ارتكازُ الثَّوابتِ في الفلك الثَّامنِ وما عدا القمرَ في السنةِ المتوسطة إنْ ثبتَ ذلك .