قوله تعالى : { إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد ، لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب دحورا ، ولهم عذاب واصب ، إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب } في الآية مسائل :
المسألة الأولى : قرأ حمزة وحفص عن عاصم زينة منونة الكواكب بالجر وهو قراءة مسروق بن الأجدع ، قال الفراء وهو رد معرفة على نكرة كما قال : { بالناصية ناصية } [ العلق : 15 ، 16 ] فرد نكرة على معرفة وقال الزجاج : الكواكب بدل من الزينة ، لأنها هي كما تقول مررت بأبي عبد الله زيد . وقرأ عاصم بالتنوين في الزينة ونصب الكواكب قال الفراء : يريد زينا الكواكب ، وقال الزجاج : يجوز أن تكون الكواكب في النصب بدلا من قوله بزينة ، لأن بزينة في موضع نصب وقرأ الباقون ( بزينة الكواكب ) بالجر على الإضافة .
المسألة الثانية : بين تعالى أنه زين السماء الدنيا ، وبين أنه إنما زينها لمنفعتين إحداهما : تحصيل الزينة والثانية : الحفظ من الشيطان المارد ، فوجب أن نحقق الكلام في هذه المطالب الثلاثة أما الأول : وهو تزيين السماء الدنيا بهذه الكواكب ، فلقائل أن يقول إنه ثبت في علم الهيئة أن هذه الثوابت مركوزة في الكرة الثامنة ، وأن السيارات الستة مركوزة في الكرات الست المحيطة بسماء الدنيا فكيف يصح قوله : { إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب } والجواب أن الناس الساكنين على سطح كرة الأرض إذا نظروا إلى السماء فإنهم يشاهدونها مزينة بهذه الكواكب ، وعلى أنا قد بينا في علم الهيئة أن الفلاسفة لم يتم لهم دليل في بيان أن هذه الكواكب مركوزة في الفلك الثامن ، ولعلنا شرحنا هذا الكلام في تفسير سورة { تبارك الذي بيده الملك } في تفسير قوله تعالى : { ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح } [ الملك : 5 ] ، وأما المطلوب الثاني : وهو كون هذه الكواكب زينة السماء الدنيا ففيه بحثان :
البحث الأول : أن الزينة مصدر كالنسبة واسم لما يزن به ، كالليقة اسم لما تلاق به الدواة قال صاحب الكشاف وقوله : { بزينة الكواكب } يحتملهما فإن أردت المصدر فعلى إضافته إلى الفاعل أي بأن زينتها الكواكب أو على إضافته إلى المفعول أي بأن زان الله الكواكب وحسنها ، لأنها إنما زينت السماء بحسنها في أنفسها ، وإن أردت الاسم فللإضافة وجهان أن تقع الكواكب بيانا للزينة ، لأن الزينة قد تحصل بالكواكب وبغيرها ، وأن يراد ما زينت به الكواكب .
البحث الثاني : في بيان كيفية كون الكواكب زينة للسماء وجوه الأول : أن النور والضوء أحسن الصفات وأكملها ، فإن تحصل هذه الكواكب المشرقة المضيئة في سطح الفلك لا جرم بقي الضوء والنور في جرم الفلك بسبب حصول هذه الكواكب فيها قال ابن عباس : { بزينة الكواكب } أي بضوء الكواكب الوجه الثاني : يجوز أن يراد أشكالها المتناسبة المختلفة كشكل الجوزاء وبنات نعش والثريا وغيرها الوجه الثالث : يجوز أن يكون المراد بهذه الزينة كيفية طلوعها وغروبها الوجه الرابع : أن الإنسان إذا نظر في الليلة الظلماء إلى سطح الفلك ورأى هذه الجواهر الزواهر مشرقة لامعة متلألئة على ذلك السطح الأزرق ، فلا شك أنها أحسن الأشياء وأكملها في التركيب والجوهر ، وكل ذلك يفيد كون هذه الكواكب زينة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.