البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِزِينَةٍ ٱلۡكَوَاكِبِ} (6)

ثم أخبر تعالى عن قدرته بتزيين السماء بالكواكب ، وانتظام التزيين أن جعلها حفظاً وحذراً من الشيطان . انتهى .

والزينة مصدر كالسنة ، واسم لما يزان به الشيء ، كالليقة اسم لما يلاق به الدواة .

وقرأ الجمهور : { بزينة الكواكب } بالإضافة ، فاحتمل المصدر مضافاً للفاعل ، أي بأن زانت السماء الكواكب ، ومضافاً للمفعول ، أي بأن زين الله الكواكب .

واحتمل أن يكون ما يزان به ، والكواكب بيان للزينة ، لأن الزينة مبهمة في الكواكب وغيرها مما يزان به ، أو مما زينت الكواكب من إضاءتها وثبوتها .

وقرأ ابن مسعود ، ومسروق : بخلاف عنه ؛ وأبو زرعة ، وابن وثاب ، وطلحة : بزينة منوناً ، الكواكب بالخفض بدلاً من زينة .

وقرأ ابن وثاب ، ومسروق : بخلاف عنهما ؛ والأعمش ، وطلحة ، وأبو بكر : بزينه منوناً ، الكواكب نصباً ، فاحتمل أن يكون بزينة مصدراً ، والكواكب مفعول به ، كقوله : { أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيماً } واحتمل أن يكون الكواكب بدلاً من السماء ، أي زينا كواكب السماء .

وقرأ زيد بن علي بتنوين زينة ، ورفع الكواكب على خبر مبتدأ ، أي هو الكواكب ، أو على الفاعلية بالمصدر ، أي بأن زينت الكواكب .

ورفع الفاعل بالمصدر المنون ، زعم الفراء أنه ليس بمسموع ، وأجاز البصريون ذلك على قلة .

وقال ابن عباس : { بزينة الكواكب } : بضوء الكواكب ؛ قيل : ويجوز أن يراد أشكالها المختلفة ، كشكل الثريا ، وبنات نعش ، والجوزاء ، وغير ذلك ، ومطالعها ومسايرها .

وخص { السماء الدنيا } بالذكر ، لأنها التي تشاهد بالأبصار ؛