في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦٓ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (9)

وما الذي يعوقهم عن الإيمان بالله وهو ينزل على عبده آيات بينات تخرجهم من ظلمات الضلال والشك والحيرة إلى نور الهدى واليقين والطمأنينة ? وفي هذا وذاك من دلائل الرأفة والرحمة بهم ما فيه .

إن نعمة وجود الرسول بين القوم ، يدعوهم بلغة السماء ، ويخاطبهم بكلام الله ، ويصل بينهم وبين الله في ذوات نفوسهم وخواص شؤونهم . . نعمة فوق التصور حين نتملاها نحن الآن من بعيد . . فهذه الفترة - فترة الوحي وحياة الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] فترة عجيبة حقا . . إن الله - جل جلاله - يخاطب هذا البشر من صنع يديه ، على لسان عبده [ صلى الله عليه وسلم ] وفي رحمة علوية ندية يقول لهم : خذوا هذا ودعوا ذاك ! ها هو ذا طريقي فاسلكوه ! لقد تعثرت خطاكم فهاكم حبلي ! لقد أخطأتم وأثمتم فتوبوا وها هو ذا بابي مفتوح . تعالوا ولا تشردوا بعيدا ، ولا تقنطوا من رحمتي التي وسعت كل شيء . . وأنت يا فلان - بذاتك وشخصك - قلت كذا . وهو خطأ . ونويت كذا . وهو إثم . وفعلت كذا وهي خطيئة . . فتعال هنا قدامي وتطهر وتب وعد إلى حماي . . وأنت يا فلان - بذاتك وشخصك - أمرك الذي يعضلك هذا حله . وسؤالك الذي يشغلك هذا جوابه . وعملك الذي عملت هذا وزنه !

إنه الله . هو الذي يقول . يقول لهؤلاء المخاليق . وهم يعيشون معه . يحسون أنه معهم . حقيقة وواقعا . أنه يستمع إلى شكواهم في جنح الليل ويستجيب لها . وأنه يرعاهم في كل خطوة ويعنى بها . .

ألا إنه لأمر فوق ما يطيق الذي لم يعش هذه الفترة أن يتصور . ولكن هؤلاء المخاطبين بهذه الآيات عاشوها فعلا . . ثم احتاجوا إلى مثل هذا العلاج ومثل هذه اللمسات ، ومثل هذا التذكير . . وهو فضل من الله ورحمة فوق فضله ذاك ورحمته . يدركهما ويشعر بهما من لم تقدر له الحياة في هذه الفترة العجيبة :

ورد في صحيح البخاري أن رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] قال يوما لأصحابه : " أي المؤمنين أعجب إليكم ? " قالوا : الملائكة . قال " وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم ? " . قالوا : فالأنبياء . قال : " وما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم ? " . قالوا : فنحن . قال : " وما لكم لاتؤمنون وأنا بين أظهركم ? ولكن أعجب المؤمنين إيمانا قوم يجيئون بعدكم يجدون صحفا يؤمنون بما فيها " . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦٓ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (9)

وقوله : { هُوَ الَّذِي يُنزلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } أي : حججًا واضحات ، ودلائل باهرات ، وبراهين قاطعات ، { لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } أي : من ظلمات الجهل والكفر والآراء

المتضادة إلى نور الهدى واليقين والإيمان ، { وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ } أي : في إنزاله الكتب وإرساله الرسل لهداية الناس ، وإزاحة العلل وإزالة الشبه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦٓ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (9)

هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم أي الله أو العبد من الظلمات إلى النور من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان وإن الله بكم لرءوف رحيم حيث نبهكم بالرسول والآيات ولم يقتصر على ما نصب لكم من الحجج العقلية .