في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَتِلۡكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيۡنَٰهَآ إِبۡرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦۚ نَرۡفَعُ دَرَجَٰتٖ مَّن نَّشَآءُۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ} (83)

74

( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء ) . .

ولقد كانت هذه هي الحجة التي ألهمها الله إبراهيم ليدحض بها حجتهم التي جاءوا بها يجادلونه . ولقد كشف لهم عن وهن ما هم عليه من تصورهم أن هذه الآلهة تملك أن تسيء إليه . . وواضح أنهم ما كانوا يجحدون وجود الله ؛ ولا أنه هو صاحب القوة والسلطان في الكون ، ولكنهم كانوا يشركون به هذه الآلهة . فلما واجههم إبراهيم ، بأن من كان يخلص نفسه لله لا يخاف من دونه ، فأما من يشرك بالله فهو أحق بالمخافة . . لما واجههم بهذه الحجة التي آتاها الله له وألهمه إياها ، سقطت حجتهم ، وعلت حجته ، وارتفع إبراهيم على قومه عقيدة وحجة ومنزلة . . وهكذا يرفع الله من يشاء درجات . متصرفا في هذا بحكمته وعلمه :

( إن ربك حكيم عليم ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَتِلۡكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيۡنَٰهَآ إِبۡرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦۚ نَرۡفَعُ دَرَجَٰتٖ مَّن نَّشَآءُۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ} (83)

وقوله : { وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ } أي : وجهنا حجته على قومه .

قال مجاهد وغيره : يعني بذلك قوله : { وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنزلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأمْنِ [ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ] }{[10945]} وقد صدقه الله ، وحكم له بالأمن والهداية فقال : { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ } ثم قال بعد ذلك كله : { وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ }

قرئ بالإضافة وبلا إضافة ، كما في سورة يوسف ، وكلاهما قريب في المعنى .

وقوله : { إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } أي : حكيم في أفعاله وأقواله { عَلِيمٌ } أي : بمن يهديه ومن يضله ، وإن قامت عليه الحجج والبراهين ، كما قال : { إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ } [ يونس : 96 ، 97 ] ؛ ؛ ولهذا قال هاهنا :

{ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ }


[10945]:زيادة من م، أ، وفي هـ: "الآية".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَتِلۡكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيۡنَٰهَآ إِبۡرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦۚ نَرۡفَعُ دَرَجَٰتٖ مَّن نَّشَآءُۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ} (83)

{ وتلك } إشارة إلى ما احتج به إبراهيم على قومه من قوله : { فلما جن عليه الليل } إلى قوله : { وهم مهتدون } أو من قوله : { أتحاجوني } إليه . { حجتنا آتيناها إبراهيم } أرشدناه إليها أو علمناه إياها . { على قومه } متعلق ب{ حجتنا } إن جعل خبر تلك وبمحذوف إن جعل بدله أي : آتيناها إبراهيم حجة على قومه . { نرفع درجات من نشاء في العلم والحكمة . وقرأ الكوفيون ويعقوب بالتنوين . { إن ربك حكيم } في رفعه وخفضه . { عليم } بحال من يرفعه واستعداده له .