النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَتِلۡكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيۡنَٰهَآ إِبۡرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦۚ نَرۡفَعُ دَرَجَٰتٖ مَّن نَّشَآءُۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ} (83)

قوله تعالى : { وَتَلكَ حجَّتُنآ ءَاتَينَاهآ إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ } وفي هذه الحجة التي أوتيها ثلاثة أقاويل :

أحدها : قوله لهم{[910]} : { أَتَعُْبدُونَ مِنْ دِونِ اللَّهِ مَا لاَ يمْلِكُ لَكُم ضَراً وَلاَ نَفْعاً{[911]} } أم تعبدون من يملك الضر والنفع ؟ فقالوا : مالك الضر والنفع أحق .

والثاني : أنه لما قال : { فَأَيُّ الفَرِيقَينِ أَحَقُّ بِالأمْنِ } عبادة إله واحد أم آلهة شتى ؟ فقالوا : عبادة إله واحد فأقروا على أنفسهم .

والثالث : أنهم لما قالوا لإِبراهيم ألا تخاف أن تخبلك آلهتنا ؟ فقال : أما تخافون أن تخبلكم آلهتكم بجمعكم للصغير مع الكبير في العبادة .

واختلفوا في سبب ظهور الحجَّة لإبراهيم على قولين :

أحدهما : أن الله تعالى أخطرها بباله حتى استخرجها بفكره .

والثاني : أنه أمره بها ولقنه إياها .

{ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَشَاءُ } فيه أربعة أوجه :

أحدها : عند الله بالوصول لمعرفته .

والثاني : على الخلق بالاصطفاء لرسالته .

والثالث : بالسخاء .

والرابع : بحسن الخلق .

وفيه تقديم وتأخير ، وتقديره : نرفع من نشاء درجات{[912]} .


[910]:- قوله لهم: سقطت من ك.
[911]:- سقطت من ق.
[912]:- آية 76 المائدة.