الآية 83 وقوله تعالى : { وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه } الآية ينقض قول من يقول بأن إبراهيم كان غير مؤمن في ذلك الوقت وغير{[7387]} عارف بربه ؛ لأنه أخبر أنه آتاه حججه على قومه . ولو كان هو على ما قالوا لكانت الحجة التي [ آتاه إياها ]{[7388]} حججه على قومه دل أنه ليس على ما قالوا . لكن كان عارفا بربه مخلصا له على ما سبق ذكره .
فإن قال قائل : إن الحجة التي أخذ أنه آتاها { إبراهيم على قومه } قوله : { وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به } [ الأنعام : 80 ] إلى آخر ما ذكر ، فيقال : إن هذه ليست بمحاجة إنما هو تقرير التوحيد والدين . ألا ترى أنه قال : { ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا } ؟ والمحاجة ما ذكر في قوله : { لا أحب الآفلين } [ الأنعام : 76 ] وقوله : { إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين } [ الأنعام : 79 ] ، وغيرها من الآيات التي فيها وصف توحيد الرب عز وجل وألوهيته وفساد آلهتهم .
من ذلك قوله تعالى : { قال أتعبدون ما تنحتون } { والله خلقكم وما تعملون } ؟ [ الصافات : 95 و 96 ] وقوله تعالى : { لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا } ؟ وقوله تعالى : { قال هل يسمعونكم إذ تدعون } إلى قوله تعالى : { وإذا مرضت فهو يشفين } ؟ [ الشعراء : 72-80 ] .
وفيه نقض قول المعتزلة لأنه قال : { وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه } والإيتاء هو الإعطاء ، والنجوم والشمس والقمر وما ذكر كانت . دل أن الذي آتى إبراهيم هو محاجته قومه بما ذكرنا ، واحتجاجه عليهم بذلك } دل أن له في محاجة إبراهيم قومه صنعا حين{[7389]} أضاف إلى نفسه ، وهو أن خلق محاجته قومه ، وبالله العصمة ، وقوله تعالى : { وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه } والذين كانوا يعبدون الأصنام ، وهو ما بين سفههم في عبادتهم الأصنام حين{[7390]} قال [ في غير آية ، ورد على ]{[7391]} نمرود قوله{[7392]} : { أنا أحيي وأميت } إلى آخر الآية [ البقرة : 258 ] .
وقوله تعالى : { نرفع درجات من نشاء } فيه أيضا دلالة نقض قول المعتزلة لأنهم يقولون : إن الله قد شاء لكل أحد أن يبلغ المبلغ الذي إذا بلغ ذلك يصلح للنبوة والرسالة . لكنهم شاؤوا ألا يبلغوا ذلك المبلغ ؛ يجعلون المشيئة في ذلك إلى أنفسهم دون الله . والله أخبر أنه يرفع درجات من يشاء ، وهم يقولون : لا يقدر أن يرفع ، بل هم يملكون{[7393]} أن يرفعوا درجات أنفسهم . فدلت الآية على أن من نال درجة أو فضيلة إنما ينال بفضل الله ومنه .
ثم قوله تعالى : { نرفع درجات } ، تحتمل الدرجات [ وجوها : تحتمل النبوة ، وتحتمل الدرجات ]{[7394]} في الآخرة أن ترفع لهم ، وتحتمل الذكر والشرف في الدنيا لما يذكرون في الملإ من الخلق .
قوله تعالى : { إن ربك حكيم عليم } أي { حكيم } في خلق الخلائق ؛ خلق خلقا يدل على وحدانيته ، ويدل على أنه مدبر ليس بمبطل في خلقهم ، ثم { عليم } بأعمالهم ، و{ عليم } بمصالح الخلق وبما يصلح . والحكيم هو الذي لا يلحقه الخطأ في التدبير .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.