في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا} (158)

148

( وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيمًا ) . .

ولا يدلي القرآن بتفصيل في هذا الرفع أكان بالجسد والروح في حالة الحياة ؟ أم كان بالروح بعد الوفاة ؟ ومتى كانت هذه الوفاة وأين . وهم ما قتلوه وما صلبوه وإنما وقع القتل والصلب على من شبه لهم سواه .

لا يدلي القرأن بتفصيل آخر وراء تلك الحقيقة ؛ إلا ما ورد في السورة الأخرى من قوله تعالى ( يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ) . . وهذه كتلك لا تعطي تفصيلا عن الوفاة ولا عن طبيعة هذا التوفي وموعده . . ونحن - على طريقتنا في ظلال القرآن - لا نريد أن نخرج عن تلك الظلال ؛ ولا أن نضرب في أقاويل وأساطير ؛ ليس لدينا من دليل عليها ، وليس لنا إليها سبيل . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا} (158)

{ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا } أي منيع الجناب لا يرام جنابه ، ولا يضام من لاذ ببابه { حَكِيمًا } أي : في جميع ما يقدره ويقضيه من الأمور التي يخلقها وله الحكمة البالغة ، والحجة الدامغة ، والسلطان العظيم ، والأمر القديم .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سِنَان ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن المِنْهَال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء ، خرج على أصحابه - وفي البيت اثنا عشر رجلا من الحواريين - يعني : فخرج عليهم من عين في البيت ، ورأسه يقطر ماء ، فقال : إن منكم من يكفر بي اثنتي عشرة{[8565]} مرة ، بعد أن آمن بي . ثم قال : أيكم يُلْقَى عليه شبهي ، فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي ؟ فقام شاب من أحدثهم سنا ، فقال له : اجلس . ثم أعاد عليهم فقام ذلك الشاب ، فقال : اجلس . ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال : أنا . فقال : أنت هو ذاك . فألقي عليه شَبَه عيسى ورفع عيسى من رَوْزَنَة في البيت إلى السماء . قال : وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشبه فقتلوه ، ثم صلبوه وكفر به بعضهم اثنتي عشرة{[8566]} مرة ، بعد أن آمن به ، وافترقوا ثلاث فرق ، فقالت طائفة : كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء . وهؤلاء اليعقوبية ، وقالت فرقة : كان فينا ابن الله ما شاء ، ثم رفعه الله إليه . وهؤلاء النسطورية ، وقالت فرقة : كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء ، ثم رفعه الله إليه . وهؤلاء المسلمون ، فتظاهرت الكافرتان على المسلمة ، فقتلوها ، فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم .

وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس ، ورواه النسائي عن أبي كُرَيب ، عن أبي معاوية ، بنحوه{[8567]} وكذا ذكر غير واحد من السلف أنه قال لهم : أيكم يلقى عليه شبهي فيقتلَ مكاني ، وهو رفيقي في الجنة ؟

وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب القُمّي ، عن هارون بن عنترة ، عن وهب بن مُنَبِّه قال : أتى عيسى وعنده سبعة عشر من الحواريين في بيت وأحاطوا بهم . فلما دخلوا عليه صَوَّرهم الله ، عز وجل ، كلهم على صورة عيسى ، فقالوا لهم : سحرتمونا . ليبرزن لنا عيسى أو لنقتلنكم جميعا . فقال عيسى لأصحابه : من يشري نفسه منكم اليوم بالجنة ؟ فقال رجل منهم : أنا . فخرج إليهم وقال : أنا عيسى - وقد صوره الله على صورة عيسى - فأخذوه وقتلوه وصلبوه . فمن ثَمَّ شُبّه لهم ، فظنوا أنهم قد قتلوا عيسى ، وظنت النصارى مثل ذلك أنه عيسى ، ورفع الله عيسى من يومه ذلك . وهذا سياق غريب جدًّا{[8568]} . قال ابن جرير : وقد روي عن وهب نحو هذا القول ، وهو ما حدثني به المثنى ، حدثنا إسحاق ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، حدثني عبد الصمد بن مِعْقَل : أنه سمع وهبًا يقول : إن عيسى ابن مريم لما أعلمه الله أنه خارج من الدنيا ، جزع من الموت وشَقَّ عليه ، فدعا الحواريين فصنع لهم طعاما ، فقال : احضروني الليلة ، فإن لي إليكم حاجة . فلما اجتمعوا إليه من الليل عَشَّاهم وقام يخدمهم . فلما فرغوا من الطعام أخذ يغسل أيديهم ويوضئهم بيده ، ويمسح أيديهم بثيابه ، فتعاظموا ذلك وتكارهوه ، فقال : ألا من رد عليَّ شيئا الليلة مما أصنع ، فليس مني ولا أنا منه . فأقرّوه ، حتى إذا فرغ من ذلك قال : أمّا ما صنعت بكم الليلة ، مما خدمتكم على الطعام ، وغسلت أيديكم بيدي ، فليكن لكم بي أسوة ، فإنكم ترون أني خيركم ، فلا يتعظَّم بعضكم على بعض ، وليبذلْ بعضكم نفسه لبعض ، كما بذلت نفسي لكم . وأما حاجتي الليلة التي أستعينكم عليها فتدعون لي الله ، وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجلي . فلما نصبوا أنفسهم للدعاء ، وأرادوا أن يجتهدوا ، أخذهم النوم حتى لم يستطيعوا دعاء ، فجعل يوقظهم ويقول : سبحان الله ! أما تصبرون لي ليلة واحدة تعينونني فيها ؟ قالوا : والله ما ندري ما لنا . لقد كنا نَسْمُر فنكثر السَّمَرَ ، وما نطيق الليلة سَمَرا ، وما نريد دعاء إلا حيل بيننا وبينه . فقال : يُذْهَب بالراعي{[8569]} وتفرق الغنمُ . وجعل يأتي بكلام نحو هذا ينعَى به نفسه . ثم قال : الحقَّ ، ليَكْفُرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ثلاث مرات ، وليبيعنّي أحدكم بدراهم يسيرة ، وليأكلن ثمني ، فخرجوا وتفرقوا ، وكانت اليهود تطلبه ، وأخذوا شمعون أحد الحواريين ، وقالوا : هذا من أصحابه . فجحد وقال : ما أنا بصاحبه فتركوه ، ثم أخذه آخرون ، فجحد كذلك . ثم سَمعَ صوتَ ديك فبكى وأحزنه ، فلما أصبح أتى أحد الحواريين إلى اليهود فقال : ما تجعلون لي إن دَلَلْتُكُمْ على المسيح ؟ فجعلوا له ثلاثين درهما ، فأخذها ودلَّهم عليه ، وكان شُبِّه عليهم قبل ذلك ، فأخذوه فاستوثقوا منه ، وربطوه بالحبل ، وجعلوا يقودونه ويقولون ، له : أنت كنت تحيي الموتى ، وتنهر الشيطان ، وتبرئ المجنون ، أفلا تنجي نفسك من هذا الحبل ؟ ويبصقون عليه ، ويلقون عليه الشوك ، حتى أتوا به الخشبة التي أرادوا أن يصلبوه عليها ، فرفعه الله إليه ، وصلبوا ما شُبِّه لهم فمكث سبعًا .

ثم إن أمه والمرأة التي كان يداويها عيسى عليه السلام ، فأبرأها الله من الجنون ، جاءتا تبكيان حيث المصلوب ، فجاءهما عيسى فقال : علام تبكيان ؟ فقالتا : عليك . فقال : إني قد رفعني الله إليه ، ولم يصبني إلا خير ، وإن هذا شُبِّه لهم فَأمُرَا الحواريين يلقوني إلى مكان كذا وكذا . فلقوه إلى ذلك المكان أحد عشر . وفقدوا الذي كان باعه ودل عليه اليهود ، فسأل عنه أصحابه فقال : إنه ندم على ما صنع فاختنق ، وقتل نفسه فقال : لو تاب لتاب الله عليه . ثم سألهم عن غلام كاد يتبعهم ، يقال له : يحيى ، قال : هو معكم ، فانطلقوا ، فإنه سيصبح كل إنسان يحدّثُ بلغة قومه ، فلينذرهم وليدعهم . سياق غريب جدًّا{[8570]} .

ثم قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : كان اسم ملك بني إسرائيل الذي بعث إلى عيسى ليقتله رجلا منهم ، يقال له : داود ، فلما أجمعوا لذلك منه ، لم يفْظع عبد من عباد الله بالموت - فيما ذكر لي - فَظَعَه ولم يجزع منه جزعه ، ولم يدع الله في صرفه عنه دعاءه ، حتى إنه ليقول - فيما يزعمون - " اللهم إن كنت صارفا هذه الكأس عن أحد من خلقك فاصرفها عني " وحتى إن جلده من كرب ذلك ليتفصَّد دما . فدخل المدخل الذي أجمعوا أن يَدْخلوا عليه فيه ليقتلوه هو وأصحابه ، وهم ثلاثة عشر بعيسى ، عليه السلام ، فلما أيقن أنهم داخلون عليه قال لأصحابه من الحواريين - وكانوا اثني عشر رجلا فطرس{[8571]} ويعقوب بن زبدي{[8572]} ويحنس أخو يعقوب ، وأنداربيس ، وفيلبس ، وأبرثلما ومنى وتوماس ، ويعقوب بن حلفيا ، وتداوسيس ، وقثانيا ويودس زكريا يوطا .

قال ابن حميد : قال سلمة ، قال ابن إسحاق : وكان [ فيهم فيما ]{[8573]} ذكر لي رجل اسمه سرجس ، فكانوا ثلاثة عشر رجلا سوى عيسى ، عليه السلام ، جحدته النصارى ، وذلك أنه هو الذي شُبّه لليهود مكان عيسى [ عليه السلام ]{[8574]} قال : فلا أدري ما هو ؟ من هؤلاء الاثني عشر ، أو كان ثالث عشر ، فجحدوه حين أقروا لليهود بصلب عيسى ، وكفروا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الخبر عنه . فإن كانوا ثلاثة عشر فإنهم دخلوا المدخل حين دخلوا وهم بعيسى أربعة عشر ، وإن كانوا اثني عشر ، فإنهم دخلوا المدخل [ حين دخلوا ]{[8575]} وهم ثلاثة عشر .

قال ابن إسحاق : وحدثني رجل كان نصرانيا فأسلم : أن عيسى حين جاءه{[8576]} من الله { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ ورَافِعُكَ إِلَيَّ } قال : يا معشر الحواريين ، أيكم يحب أن يكون رفيقي في الجنة على أن{[8577]} يشبه للقوم في صورتي ، فيقتلوه في مكاني ؟ فقال سرجس : أنا ، يا روح الله . قال : فاجلس في مجلسي . فجلس فيه ، ورفِع عيسى ، عليه السلام ، فدخلوا عليه فأخذوه فصلبوه ، فكان هو الذي صلبوه وشُبّه لهم به ، وكانت عدتهم حين دخلوا مع عيسى معلومة ، قد رأوهم وأحصوا عدتهم . فلما دخلوا عليه ليأخذوه وجدوا عيسى ، فيما يُرَون وأصحابه ، وفقدوا رجلا من العدة ، فهو الذي اختلفوا فيه وكانوا لا يعرفون عيسى ، حتى جعلوا ليودس زكريا يوطا ثلاثين درهما على أن يدلهم عليه ويعرفهم إياه ، فقال لهم : إذا دخلتم عليه فإني سَأقَبلهُ ، وهو الذي أقبل ، فخذوه . فلما دخلوا وقد رفع عيسى ، ورأى سرجس في صورة عيسى ، فلم يشكل{[8578]} أنه عيسى ، فأكب عليه فقبله{[8579]} فأخذوه فصلبوه .

ثم إن يودس زكريا يوطا ندم على ما صنع ، فاختنق بحبل حتى قتل نفسه ، وهو ملعون في النصارى ، وقد كان أحد المعدودين من أصحابه ، وبعض النصارى يزعم أن يودس زكريا يوطا هو الذي شبه لهم ، فصلبوه وهو يقول : " إني لست بصاحبكم . أنا الذي دللتكم عليه " . والله{[8580]} أعلم أي ذلك كان{[8581]} .

وقال ابن جرير ، عن مجاهد : صلبوا رجلا شبهوه بعيسى ، ورفع الله ، عز وجل ، عيسى إلى السماء حيا .

واختار ابن جرير أن شبه عيسى ألقي على جميع أصحابه .


[8565]:في د: "اثني عشر"، وفي ر: "اثنا عشر".
[8566]:في د: "اثني عشر"، وفي ر: "اثنا عشر".
[8567]:سنن النسائي الكبرى برقم (11591).
[8568]:تفسير الطبري (9/368)، وقد صوب قول وهب بن منبه مع أن الحافظ هنا استغربه. انظر: تفسير الطبري (9/374).
[8569]:في ر: "الراعي".
[8570]:تفسير الطبري (9/368).
[8571]:في ر: "فرطوس"، وفي أ: "قطوس".
[8572]:في أ: "ويعقونس وندا".
[8573]:زيادة من أ.
[8574]:زيادة من أ.
[8575]:زيادة من أ.
[8576]:في ر، أ: "جاءه الوحي".
[8577]:في ر: "حتى".
[8578]:في أ: "يشكك".
[8579]:في أ: "فقتله".
[8580]:في ر: "فالله".
[8581]:رواه الطبري في تفسيره (9/371) من طريق سلمة عن ابن إسحاق به.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا} (158)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ بَل رّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } . .

أما قوله جلّ ثناؤه : بَلْ رَفَعَهُ اللّهُ إلَيْهِ فإنه يعني : بل رفع الله المسيح إليه ، يقول : لم يقتلوه ولم يصلبوه ، ولكن الله رفعه إليه ، فطهره من الذين كفروا . وقد بينا كيف كان رفع الله إياه فيما مضى ، وذكرنا اختلاف المختلفين في ذلك والصحيح من القول فيه بالأدلة الشاهدة على صحته بما أغنى عن إعادته .

وأما قوله : وكانَ اللّهُ عَزِيزا حَكِيما فإنه يعني : ولم يزل الله منتقما من أعدائه ، كانتقامه من الذين أخذتهم الصاعقة بظلمهم ، وكلعنه الذين قصّ قصتهم بقوله : فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وكُفْرِهِمْ بآياتِ اللّهِ حكيما ، يقول : ذا حكمة في تدبيره وتصريفه خلقه في قضائه ، يقول : فاحذروا أيها السائلون محمدا أن ينزل عليكم كتابا من السماء من حلول عقوبتي بكم ، كما حلّ باوائلكم الذين فعلوا فعلكم في تكذيبهم رسلي ، وافترائهم على أوليائي . وقد :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق بن أبي سارة الرّؤَاسيّ ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : وكانَ اللّهُ عَزِيزا حَكِيما قال : معنى ذلك : أنه كذلك .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا} (158)

{ بل رفعه الله إليه } وإنكار لقتله وإثبات لرفعه . { وكان الله عزيزا } لا يغلب على ما يريده . { حكيما } فيما دبره لعيسى عليه الصلاة والسلام .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا} (158)

وقوله تعالى { بل رفعه الله إليه } يعني إلى سمائه وكرامته ، وعيسى عليه السلام حي في السماء الثانية على ما تضمن حديث الإسراء في ذكر ابني الخالة عيسى ويحيى ذكره البخاري في حديث المعراج{[4367]} ، وذكره غيره ، وهو هناك مقيم حتى ينزله الله لقتل الدجالة ، وليملأ الأرض عدلاً ، ويحيا فيها أربعين سنة ثم يموت كما يموت البشر .


[4367]:- جاء في حديث المعراج كما رواه البخاري عن مالك بن صعصعة: (ثم صعد حتى أتى السماء الثانية، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة، قال: هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما، فسلمت فردا ثم قالا: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح). الخ الحديث وهو طويل
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا} (158)

لذلك كلّه أعقب بالإبطال بقوله : { بل رفعه الله إليه } أي فلم يظفروا به . والرفع : إبعاده عن هذا العالم إلى عالم السماوات ، و ( إلى ) إفادة الانتهاء المجازي بمعنى التشريف ، أي رفعه الله رفع قرب وزلفى .

وقد تقدّم الكلام على معنى هذا الرفع ، وعلى الاختلاف في أنّ عيسى عليه السّلام بقي حيّاً أوْ أماته الله ، عند قوله تعالى : { إنّي متوفّيك ورافِعك إليّ } في سورة آل عمران ( 55 ) .

والتذييل بقوله : { وكان الله عزيزاً حكيماً } ظاهر الموقع لأنّه لمّا عزّ فقد حقّ لعزّه أن يُعِزّ أولياءَه ، ولمّا كان حكيماً فقد أتقن صُنع هذا الرفع فجعله فتنة للكافرين ، وتبصرة للمؤمنين ، وعقوبة ليهوذا الخائن .