في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ} (21)

ولما كان اللعين يعلم أن الله قد نهاهما عن هذه الشجرة ؛ وأن هذا النهي له ثقله في نفوسهما وقوته ؛ فقد استعان على زعزعته - إلى جانب مداعبة شهواتهما - بتأمينهما من هذه الناحية ؛ فحلف لهما بالله إنه لهما ناصح ، وفي نصحه صادق :

( وقاسمهما : إني لكما لمن الناصحين ) . . !

ونسي آدم وزوجه - تحت تأثير الشهوة الدافعة والقسم المخدر - أنه عدوهما الذي لا يمكن أن يدلهما على خير ! وأن الله أمرهما أمراً عليهما طاعته سواء عرفا علته أم لم يعرفاها ! وأنه لا يكون شيء إلا بقدر من الله ، فإذا كان لم يقدر لهما الخلود والملك الذي لا يبلى فلن ينالاه !

/خ25

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ} (21)

{ وَقَاسَمَهُمَا } أي : حلف لهما بالله : { إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ } فإني من قَبْلكما هاهنا ، وأعلم بهذا المكان ، وهذا من باب المفاعلة والمراد أحد الطرفين ، كما قال خالد بن زهير ، ابن عم أبي ذؤيب :

وقاسَمَها بالله جَهْدا لأنتمُ *** ألذّ من السلوى إذ ما نشورها{[11620]}

أي : حلف لهما بالله [ على ذلك ]{[11621]} حتى خدعهما ، وقد يخدع المؤمن بالله ، فقال : إني خُلقت قبلكما ، وأنا أعلم منكما ، فاتبعاني أرشدكما . وكان بعض أهل العلم يقول : " من خادعنا بالله خُدعنا له " .


[11620]:البيت في تفسير الطبري (12/350) وعزاه المحقق لأشعار الهذليين (1/158).
[11621]:زيادة من د، ك، م، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ} (21)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَاسَمَهُمَآ إِنّي لَكُمَا لَمِنَ النّاصِحِينَ } .

يعني جلّ ثناؤه بقوله : وَقاسَمَهُما : وحلف لهما ، كما قال في موضع آخر : تَقاسَمُوا باللّهِ لَنُبَيّتَنّهُ بمعنى : تحالفوا بالله وكما قال خالد بن زهير عمّ أبي ذؤيب :

وقاسَمَها باللّهِ جَهْدا لاَءَنْتُمُ ***ألَذّ منَ السّلْوَى إذَا ما نَشُورُها

بمعنى : وحالفها بالله وكما قال أعشى بني ثعلبة :

رَضِيعَيْ لِبانِ ثَدْيِ أُمّ تَقَاسَمَا ***بأسْحَمَ داجٍ عَوْضُ لا نَتَفَرّقُ

بمعنى تحالفا . وقوله : إنّي لَكُما لِمنَ النّاصحِينَ : أي لممن ينصح لكما في مشورته لكما ، وأمره إياكما بأكل ثمر الشجرة التي نهيتما عن أكل ثمرها ، وفي خبري إياكما بما أخبركما به من أنكما إن أكلتماه كنتما ملَكين ، أو كنتما من الخالدين . كما :

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَقاسَمَهُما إنّي لَكُما لَمِنَ النّاصحِينَ فحلف لهما بالله حتى خدعهما ، وقد يُخدع المؤمن بالله ، فقال : إني خُلقت قبلكما وأنا أعلم منكما ، فاتبعاني أرشدكما . وكان بعض أهل العلم يقول : من خَادَعنا بالله خَدَعنا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ} (21)

{ وقاسمهما أني لكما لمن الناصحين } أي اقسم لهما على ذلك ، وأخرجه على زنة المفاعلة للمبالغة . وقيل أقسما له بالقبول . وقيل أقسما عليه بالله أنه لمن الناصحين فأقسم لهما فجعل ذلك مقاسمة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ} (21)

{ وقاسمهما } أي حلف لهما بالله ، وهي مفاعلة إذ قبول المحلوف له وإقباله على معنى اليمين كالقسم وتقريره وإن كان بادي الرأي يعطي أنها من واحد ، ومثله قول الهذلي :

وقاسمها بالله جهداً لأنتم*** ألذ من السلوى إذا ما تشورها

وروي في القصص أن آدم قال في جملة اعتذاره : ما ظننت يا رب أن أحداً يحلف حانثاً ، فقال بعض العلماء : خدع الشيطان آدم بالله عز وجل فانخدع ، ونحن من خدعنا بالله عز وجل انخدعنا له ، وروي نحوه عن قتادة ، واللام في قوله { لكما } متعلقة بالناصحين ، فقال بعض الناس مكي وغيره : ذلك على أن تكون الألف واللام لتعريف الجنس لا بمعنى الذي ، لأنها إذا كانت بمعنى الذي كان قوله { لكما } داخلاً في الصلة فلا يجوز تقديمه ، وأظن أن أبا علي الفارسي خرج جواز تقديمه وهي بمعنى الذي ، والظاهر أنه إن جعلت بمعنى الذي كانت اللام في قوله { لكما } متعلقة بمحذوف تقديره إني ناصح لكما من الناصحين ، وقال أبو العالية في بعض القراءة «وقاسمهما بالله » .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ} (21)

{ وقاسمهما } أي حلف لهما بما يوهم صدقه ، والمقاسمة مفاعلة من أقسم إذا حلف ، حذفت منه الهمزة عند صوغ المفاعلة ، كما حذفت في المكارمة ، والمفاعلةُ هنا للمبالغة في الفعل ، وليست لحصول الفعل من الجانبين ، ونظيرها : عافاه الله ، وجعله في « الكشاف » : كأنّهما قالا له تُقسم بالله إنّك لمن النّاصحين فَأقْسم فجُعل طلبُهما القسمَ بمنزلة القسم ، أي فتكون المفاعلة مجازاً ، قال أو أقسم لهما بالنّصيحة وأقسما له بقبولها ، فتكون المفاعلة على بابها ، وتأكيد إخباره عن نفسه بالنّصح لهما بثلاث مؤكدَات دليل على مبلغ شكّ آدم وزوجه في نصحه لهما ، وما رأى عليهما من مخائل التّردّد في صدقه ، وإنّما شكّا في نصحه لأنّهما وَجدا ما يأمرهما مخالفاً لما أمرهما الله الذي يعلمان إرادتَه بهما الخير علماً حاصلاً بالفطرة .