السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ} (21)

{ وقاسمهما } أي : أقسم لهما بالله على ذلك وأخرجه على زنة المفاعلة للمبالغة ، وقيل : أقسما له بالقبول ، وقيل : أقسما عليه بالله إنه لهما لمن الناصحين فأقسم لهما { أني لكما لمن الناصحين } فجعل ذلك مقاسمة وقال قتادة : حلف لهما بالله حين خدعهما -وقد يخدع المؤمن بالله تعالى- فقال : إني خلقت قبلكما وأنا أعلم فاتبعاني أرشدكما وفيه تنبيه على الاحتراز من الحالف وإن الأغلب أنّ كل حلاف كاذب وأنه لا يحلف إلا عند ظنه أن سامعه لا يصدقه ولا يظنّ ذلك إلا وهو معتاد للكذب ، وقال بعض العلماء : من خادعنا بالله خدعنا له ، وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان إذا رأى من عبده طاعة وحسن صلاة أعتقه -وكان عبيده يفعلون ذلك طلباً للعتق- فقيل له : إنهم يخدعونك فقال : من خدعنا بالله انخدعنا له وإبليس- لعنه الله تعالى أوّل من حلف بالله تعالى كاذباً فلما حلف ظن آدم أنّ أحداً لا يحلف بالله تعالى كاذباً فاغتر به .