مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ} (21)

ثم قال تعالى : { وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين } أي وأقسم لهما إني لكما لمن الناصحين .

فإن قيل : المقاسمة أن تقسم لصاحبك ويقسم لك . تقول : قاسمت فلانا أي حالفته ، وتقاسما تحالفا ومنه قوله تعالى : { تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله } .

قلنا : فيه وجوه : الأول : التقدير أنه قال : أقسم لكما إني لكما لمن الناصحين . وقالا له : أتقسم بالله إنك لمن الناصحين ؟ فجعل ذلك مقاسمة بينهم . والثاني : أقسم لهما بالنصيحة ، وأقسما له بقبولها . الثالث : أنه أخرج قسم إبليس على زنة المفاعلة ، لأنه اجتهد فيه اجتهاد المقاسم .

إذا عرفت هذا فنقول : قال قتادة : حلف لهما بالله حتى خدعهما ، وقد يخدع المؤمن بالله ، وقوله : { إني لكما لمن الناصحين } أي قال إبليس : إني خلقت قبلكما ، وأنا أعلم أحوالا كثيرة من المصالح والمفاسد لا تعرفانها فامتثلا قولي أرشدكما .