في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِلَّا مَنِ ٱسۡتَرَقَ ٱلسَّمۡعَ فَأَتۡبَعَهُۥ شِهَابٞ مُّبِينٞ} (18)

16

( إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين ) . .

وما الشيطان ? وكيف يحاول استراق السمع ? وأي شيء يسترق ? . . كل هذا غيب من غيب الله ، لا سبيل لنا إليه إلا من خلال النصوص . ولا جدوى في الخوض فيه ، لأنه لا يزيد شيئا في العقيدة ؛ ولا يثمر إلا انشغال العقل البشري بما ليس من اختصاصه ، وبما يعطله عن عمله الحقيقي في هذه الحياة . ثم لا يضيف إليه إدراكا جديدا لحقيقة جديدة .

فلنعلم أن لا سبيل في السماء لشيطان ، وأن هذا الجمال الباهر فيها محفوظ ، وأن ما ترمز إليه من سمو وعلي مصون لا يناله دنس ولا رجس ، ولا يخطر فيه شيطان ، وإلا طورد فطرد وحيل بينه وبين ما يريد .

ولا ننسى جمال الحركة في المشهد في رسم البرج الثابت ، والشيطان الصاعد ، والشهاب المنقض ، فهي من بدائع التصوير في هذا الكتاب الجميل .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِلَّا مَنِ ٱسۡتَرَقَ ٱلسَّمۡعَ فَأَتۡبَعَهُۥ شِهَابٞ مُّبِينٞ} (18)

/ت16

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِلَّا مَنِ ٱسۡتَرَقَ ٱلسَّمۡعَ فَأَتۡبَعَهُۥ شِهَابٞ مُّبِينٞ} (18)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلّ شَيْطَانٍ رّجِيمٍ * إِلاّ مَنِ اسْتَرَقَ السّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مّبِينٌ } .

يقول تعالى ذكره : وحفظنا السماء الدنيا من كلّ شيطان لعين قد رجمه الله ولعنه . إلاّ مَنِ اسْتَرَقَ السّمْعَ يقول : لكن قد يسترق من الشياطين السمع مما يحدث في السماء بعضها ، فيتبعه شهاب من النار مبين يبين أثره فيه ، إما بإخباله وإفساده أو بإحراقه .

وكان بعض نحويي أهل البصرة يقول في قوله : إلاّ مَنِ اسْتَرَقَ السّمْعَ هو استثناء خارج ، كما قال : ما أشتكي إلا خيرا ، يريد : لكن أذكر خيرا . وكان ينكر ذلك من قيله بعضهم ، ويقول : إذا كانت «إلا » بمعنى «لكن » عملت عمل «لكن » ، ولا يحتاج إلى إضمار «أذكر » ، ويقول : لو احتاج الأمر كذلك إلى إضمار «أذكر » احتاج قول القائل : قام زيد لا عمرو إلى إضمار «أذكر » .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، قال : حدثنا الأعمش عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : تصعد الشياطين أفواجا تسترق السمع ، قال : فيفرد المارد منها فيعلو ، فيرمى بالشهاب فيصيب جبهته أو حيث شاء الله منه فيلتهب ، فيأتي أصحابه وهو يلتهب ، فيقول : إنه كان من الأمر كذا وكذا . قال : فيذهب أولئك إلى أخوانهم من الكهنة ، فيزيدون عليه أضعافه من الكذب ، فيخبرونهم به ، فإذا رأوا شيئا مما قالوا قد كان صدّقوهم بما جاءوهم به من الكذب .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : وَحَفِظْناها مِنْ كُلّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ إلاّ مَنِ اسْتَرَقَ السّمْعَ قال : أراد أن يخطف السمع ، وهو كقوله : إلاّ مَنْ خَطِفَ الخَطْفَةَ .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : إلاّ مَنِ اسْتَرَقَ السّمْعَ وهو نحو قوله : إلاّ مَنْ خَطِفَ الخَطْفَةَ فأتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : إلاّ مَنِ اسْتَرَقَ السّمْعَ قال : خطف الخطفة .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : إلاّ مَنِ اسْتَرَقَ السّمْعَ هو كقوله : إلاّ مَنْ خَطِفَ الخَطْفَةَ فأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقبٌ كان ابن عباس يقول : إن الشهب لا تقتل ولكن تحرق وتخبل وتخرج من غير أن تقتل .

حدثني الحرث ، قال : حدثنا القاسم ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج : مِنْ كُلّ شَيْطانٍ رَجيمٍ قال : الرجيم : الملعون . قال : وقال القاسم عن الكسائي إنه قال : الرجم في جميع القرآن : الشتم .