تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِلَّا مَنِ ٱسۡتَرَقَ ٱلسَّمۡعَ فَأَتۡبَعَهُۥ شِهَابٞ مُّبِينٞ} (18)

الآيتان 17 و 18 : وقوله تعالى : { وحفظناها } يعني السماء { من كل شيطان رجيم } ( { إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين } ){[9803]} ذكر أن الشياطين{[9804]} كانوا يصعدون السماء ، فيستمعون من أخبار السماء من الملائكة مما يكون في الأرض من غيث وغيره . ثم زادوا فيها ما شاؤوا . فيلقون إلى الكهنة ، فيخبر الكهنة الناس ، فيقولون : ألم نخبركم بالمطر في يوم كذا وكذا ، وكان حقا ، ثم منعوا عن صعودهم [ إلى السماء ، وحفظها منهم ]{[9805]}

فجعلوا / 275 – ب / يسترقون السمع ، فسلط الله الشهب عليهم حتى ( يقذفوا بها ، وقوله تعالى : { فأتبعه شهاب مبين } وقوله تعالى ){[9806]} : { ويقذفون من كل جانب } { دحورا } ( الصافات : 8 و 9 ) وقوله تعالى : { فأتبعه شهاب ثاقب }( الصافات : 10 ) .

ويحتمل : { وحفظناها } أي أهلها { من كل شيطان رجيم } لما ذكرنا من ذكر أشياء من القرية والمصر والعير وغيره ، والمراد منه أهله . فعلى ذلك هذا ، إلا أن أهل السماء بأجمعهم أهل ولاية الله ، وأهل طاعته .

وأما أهل الأرض ففيهم من الغاوين الضالين ، فهم أولياء الشيطان كقوله : { إنما سلطانه على الذين يتولونه } الآية ( النحل : 100 ) .

ويحتمل حفظ السماء نفسها بالملائكة ، وهو ما ذكر { ويقذفون } الآية ( الصافات : 8 ) ويحتمل بالشهب التي في غير آية{[9807]} من القرآن .

وقال بعضهم : الرجيم اللعين ، وكذلك ذكر في حرف ابن مسعود : من كل شيطان لعين . واللعين في اللغة ، هو المطرود ، المبعد ، وهو ما ذكر { دحورا } ( الصافات : 9 ) .

وقوله تعالى : { وحفظناها من كل شيطان رجيم } { إلا من استرق السمع } ( الحجر : 18 ، 17 ) يقول : حفظناها من أن يصل إليها شيطان ، أو يعلم من أمرها شيئا إلا استراقا { فأتبعه شهاب مبين } أي كوكب مضيء .

وقال أبو عوسجة : { إلا من استرق السمع } يقال : استرقت السمع ، أي تقفيت {[8]} قوما حتى سمعت حديثهم ، وهم لا يعلمون . وهكذا لو علم الملائكة أن الشياطين يسترقون السمع ، ويخطفون ، لمنعوا من ذلك ، وامتنعوا عن التكلم به حتى لا يستمعوا كلامهم وحديثهم . وشهاب : كوكب . وقيل : الشهاب خشبة ، في طرفها نار ، والشهبان جماعة ، وقال بعضهم : { شهاب مبين } لرسول الله ، كان له ( خاصا ، لم يكن لغيره ){[9]} والله أعلم .


[8]:- في ط ع: الحق.
[9]:- في ط م: ليكون.
[9803]:ساقطة من الأصل وم.
[9804]:في الأصل وم: الشيطان.
[9805]:في الأصل وم: أعني السماء وحفظوا عنهم.
[9806]:في الأصل وم: يقذفون وهو قوله.
[9807]:في الأصل وم: آي.