في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡمُتَوَسِّمِينَ} (75)

49

وقرى لوط تقع في طريق مطروق بين الحجاز والشام يمر عليها الناس . وفيها عظات لمن يتفرس ويتأمل ، ويجد العبرة في مصارع الغابرين . وإن كانت الآيات لا تنفع إلا القلوب المؤمنة المتفتحة المستعدة للتلقي والتدبر واليقين :

( إن في ذلك لآيات للمتوسمين ) .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡمُتَوَسِّمِينَ} (75)

وقوله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ } أي : إن آثار هذه النقم ظاهرة{[16212]} على تلك البلاد لمن تأمل ذلك وتوسَّمه بعين بصره وبصيرته ، كما قال مجاهد في قوله : { لِلْمُتَوَسِّمِينَ } قال : المتفرسين .

وعن ابن عباس ، والضحاك : للناظرين . وقال قتادة : للمعتبرين . وقال مالك عن بعض أهل المدينة : { لِلْمُتَوَسِّمِينَ } للمتأملين .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا محمد بن كثير العَبْدي ، عن عمرو بن قيس ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اتقوا فِرَاسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله " . ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ }

رواه الترمذي ، وابن جرير ، من حديث عمرو بن قيس الملائي{[16213]} وقال الترمذي : لا نعرفه إلا من هذا الوجه .

وقال ابن جرير أيضًا : حدثني أحمد بن محمد الطوسي ، حدثنا الحسن بن محمد ، حدثنا الفرات بن السائب ، حدثنا ميمون بن مِهْران ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اتقوا فِرَاسَة المؤمن ؛ فإن المؤمن ينظر{[16214]} بنور الله " {[16215]}

وقال ابن جرير : حدثني أبو شرحبيل الحِمْصِيّ ، حدثنا سليمان بن سلمة ، حدثنا المُؤَمَّل بن سعيد بن يوسف الرحبي ، حدثنا أبو المعلى أسد بن وداعة الطائي ، حدثنا وهب بن مُنَبِّه ، عن طاوس بن كَيْسَان ، عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احذروا فراسة المؤمن ؛ فإنه ينظر بنور الله وينطق بتوفيق الله " {[16216]}

وقال أيضًا : حدثنا عبد الأعلى بن واصل ، حدثنا سعيد بن محمد الجرمي ، حدثنا عبد الواحد بن واصل ، حدثنا أبو بشر المزلق ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك قال : قال النبي{[16217]} صلى الله عليه وسلم : " إن لله عبادًا يعرفون الناس بالتوسم " {[16218]}

ورواه الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا سهل بن بحر ، حدثنا سعيد بن محمد الجرمي ، حدثنا أبو بشر - يقال له : ابن المزلق ، قال : وكان ثقة - عن ثابت ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لله عبادًا يعرفون الناس بالتوسم " {[16219]}


[16212]:في أ: "الظاهرة".
[16213]:سنن الترمذي برقم (3127) وتفسير الطبري (14/31).
[16214]:في ت، أ: "يبصر".
[16215]:تفسير الطبري (14/32) ورواه أبو نعيم في الحلية (4/94) من طريق فرات بن السائب به، وقال: "غريب من حديث ميمون لم نكتبه إلا من هذا الوجه". والفرات متروك".
[16216]:تفسير الطبري (14/32) ورواه أبو نعيم في الحلية (4/81) من طريق سليمان بن سلمة به، وقال: "غريب من حديث وهيب، تفرد به مؤمل عن أسد". وسليمان بن سلمة وشيخه المؤمل ضعيفان.
[16217]:في أ: "رسول الله".
[16218]:تفسير الطبري (14/32) ورواه القضاعي في مسند الشهاب برقم (1005) والطبراني في المعجم الأوسط برقم (5004) "مجمع البحرين" من طريق أبي بشر المزلق به، وقال الهيثمي في المجمع (10/268): "إسناده حسن". وقال الذهبي في ترجمة أبي بشر المزلق: "روى خبرا منكرا فذكره" وهذا أقرب.
[16219]:مسند البزار برقم (3632) "كشف الأستار" وقال: "لا نعلم رواه عن ثابت، عن أنس إلا أبو بشر".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡمُتَوَسِّمِينَ} (75)

وقوله : إنّ في ذلكَ لاَياتٍ للْمُتَوَسّمِينَ يقول : إن في الذي فعلنا بقوم لوط من إهلاكهم وأحللنا بهم من العذاب لَعَلامات ودلالات للمتفرّسين المعتبرين بعلامات الله ، وعبره على عواقب أمور أهل معاصيه والكفر به . وإنما يعني تعالى ذكره بذلك قوم نبي الله صلى الله عليه وسلم من قريش يقول : فلِقومك يا محمد في قوم لوط ، وما حلّ بهم من عذاب الله حين كذّبوا رسولهم وتمادوا في غيهم وضلالهم ، مُعْتَبَرٌ .

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : للْمُتَوَسّمِينَ قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عبد الأعلى بن واصل قال : حدثنا يعلى بن عبيد ، قال : حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن قيس ، عن مجاهد ، في قوله : إنّ في ذلكَ لاَياتٍ للْمُتَوَسّمِينَ قال : للمتفرّسين .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن عبد الملك وحدثنا الحسن الزعفراني ، قال : ثني محمد بن عبيد ، قال : ثني عبد الملك ، عن قيس ، عن مجاهد : إنّ في ذلكَ لاَياتٍ للْمُتَوَسّمِينَ قال للمتفرّسين .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء وحدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء وحدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حُذيفة ، قال : حدثنا شبل وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو أسامة ، قال : حدثنا شبل جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قال : المتوسمين : المتفرسين . قال : توسّمت فيك الخير نافلة .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن قيس ، عن مجاهد : إنّ في ذلكَ لاَياتٍ للْمُتَوَسّمِينَ قال : المتفرّسين .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس : إنّ في ذلكَ لاَياتٍ للْمُتَوَسّمِينَ يقول : للناظرين .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا محمد بن يزيد ، عن جويبر ، عن الضحاك : للْمُتَوَسّمِينَ قال للناظرين .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : إنّ في ذلكَ لاَياتٍ للْمُتَوَسّمِينَ : أي للمعتبرين .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله : للمُتَوَسّمينَ قال : للمعتبرين .

حدثني محمد بن عُمارة ، قال : ثني حسن بن مالك ، قال : حدثنا محمد بن كثير ، عن عمرو بن قيس ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اتّقُوا فِرَاسَةَ المُومِنِ فإنّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللّهِ » . ثم قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «إنّ في ذلكَ لاَياتٍ للْمُتَوَسّمِينَ » .

حدثنا أحمد بن محمد الطّوسى ، قال : حدثنا محمد بن كثير مولى بني هاشم ، قال : حدثنا عمرو بن قيس المَلاَئي ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بمثله .

حدثني أحمد بن محمدالطوسى ، قال : حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا الفُرات بن السائب ، قال : حدثنا ميمون بن مهران ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اتّقُوا فِرَاسَةَ المُوءْمِنِ فإنّ المُوءْمِنَ يَنْظُرُ بِنُورِ اللّهِ » .

حدثنا عبد الأعلى بن واصل ، قال : ثني سعيد بن محمد الجَرْميّ ، قال : حدثنا عبد الواحد بن واصل ، قال : حدثنا أبو بشر المزلق ، عن ثابت البُنَانيّ ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنّ لله عِبادا يَعْرفُونَ النّاسَ بالتّوَسّمِ » .

حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : إنّ في ذلكَ لاَياتٍ للْمُتَوَسّمِينَ قال : المتفكرون والمعتبرون الذين يتوسمون الأشياء ، ويتفكرون فيها ويعتبرون . .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : للْمُتَوَسّمِينَ يقول : للناظرين .

حدثني أبو شرحبيل الحِمْصِيّ ، قال : حدثنا سليمان بن سلمة ، قال : حدثنا المؤمل بن سعيد بن يوسف الرحبيّ ، قال : حدثنا أبو المعلّى أسد بن وداعة الطائي ، قال : حدثنا وهب بن منبه ، عن طاوس بن كيسان ، عن ثوبان ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «احْذَرُوا فِرَاسَةَ المُوءْمِنِ فإنّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللّهِ وَيَنْطِقُ بِتَوْفِيقِ اللّهِ » .