في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا} (19)

( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا ) .

والذي يريد الآخرة لا بد أن يسعى لها سعيها ، فيؤدي تكاليفها ، وينهض بتبعاتها ، ويقيم سعيه لها على الإيمان . وليس الإيمان بالتمني ، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل . والسعي للآخرة لا يحرم المرء من لذائذ الدنيا الطيبة ، إنما يمد بالبصر إلى آفاق أعلى فلا يكون المتاع في الأرض هو الهدف والغاية . ولا ضير بعد ذلك من المتاع حين يملك إنسان نفسه ، فلا يكون عبدا لهذا المتاع .

وإذا كان الذي يريد العاجلة ينتهي إلى جهنم مذموما مدحورا ، فالذي يريد الآخرة ويسعى لها سعيها ينتهي إليها مشكورا يتلقى التكريم في الملأ الأعلى جزاء السعي الكريم لهدف كريم ، وجزاء التطلع إلى الأفق البعيد الوضيء .

إن الحياة للأرض حياة تليق بالديدان والزواحف والحشرات والهوام والوحوش والأنعام . فأما الحياة للآخرة فهي الحياة اللائقة بالإنسان الكريم على الله ، الذي خلقه فسواه ، وأودع روحه ذلك السر الذي ينزع به إلى السماء وإن استقرت على الأرض قدماه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا} (19)

وقوله : { وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ } أي : أراد الدار الآخرة وما فيها من النعيم والسرور { وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا } أي : طلب ذلك من طريقه وهو متابعة الرسول { وَهُوَ مُؤْمِنٌ } أي : وقلبه مؤمن ، أي : مصدق بالثواب والجزاء { فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا }