يعقب عليه بالقول الفصل الذي ينهي كل قول :
والذكر لا يقوله مجنون ، ولا يحمله مجنون . .
ولا بد قبل نهاية الحديث من لفتة إلى كلمة( للعالمين ) . . هنا والدعوة في مكة تقابل بذلك الجحود ، ويقابل رسولها بتلك النظرات المسمومة المحمومة ، ويرصد المشركون لحربها كل ما يملكون . . وهي في هذا الوقت المبكر ، وفي هذا الضيق المستحكم ، تعلن عن عالميتها . كما هي طبيعتها وحقيقتها . فلم تكن هذه الصفة جديدة عليها حين انتصرت في المدينة - كما يدعي المفترون اليوم - إنما كانت صفة مبكرة في أيام مكة الأولى . لأنهاحقيقة ثابتة في صلب هذه الدعوة منذ نشأتها .
كذلك أرادها الله . وكذلك اتجهت منذ أيامها الأولى . وكذلك تتجه إلى آخر الزمان . والله الذي أرادها كما أرادها هو صاحبها وراعيها . وهو المدافع عنها وحاميها . وهو الذي يتولى المعركة مع المكذبين . وليس على أصحابها إلا الصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين .
فقال الله تعالى : { وما هو } يعني القرآن ، { إلا ذكر للعالمين } قال ابن عباس : موعظة للمؤمنين . قال الحسن : دواء إصابة العين أن يقرأ الإنسان هذه الآية . أخبرنا أبو علي حسان بن سعيد المنيعي ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، أنبأنا أحمد بن يوسف السلمي ، حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر عن همام بن منبه ، أنبأنا أبو هريرة رضي الله تعالى عنه قال : " سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : العين حق ونهى عن الوشم " .
أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، حدثنا السيد أبو الحسن محمد ابن الحسين بن داود العلوي ، أنبأنا أبو نصر بن محمد بن حمدويه بن سهل المروزي ، حدثنا محمود بن آدم المروزي ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عروة بن عامر ، عن عبيد بن رفاعة الزرقي " أن أسماء بنت عميس قالت : يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين أفأسترقي لهم ؟ قال : نعم ، فلو كان شيء يسبق القضاء لسبقته العين " .
ولما كان معنى قولهم هذا أن ما يقوله تخاليط{[67811]} من يصرع بالجن ، أكد بقصر القلب قوله معجباً منهم { وما } أي والحال أن هذا القرآن أو الرسول صلى الله عليه وسلم ما { هو إلا ذكر } أي موعظة وشرف { للعالمين * } أي كلهم عاليهم ودانيهم ليس منهم أحد إلا وهو يعلم أنه لا شيء يشبهه في جلالة معانيه وحلاوة ألفاظه وعظمة سبكه {[67812]}ودقة فهمه{[67813]} ورقة حواشيه وجزالة نظومه ، ويفهم منه على حسب ما هيأه الله له ليناسب عموم ذكريته عموم الرسالة للمرسل به ، وكل ما فيه من وعد ووعيد وأحكام ومواعظ شامل لهم كلهم ، فوجبت التفرقة بين مسلمهم ومجرمهم لتصدق أقواله{[67814]} فيكمل {[67815]}جلاله وجماله{[67816]} فقد رجعت خاتمتها - كما ترى - على فاتحتها بالنون والقلم وما يسطرون من هذا الذكر ، وسلب ما قالوا فيه من الجنون والإقسام على الخلق العظيم الذي هو هذا الذكر الحكيم ، ونبه كونه ذكراً لجميع الخلق بما فيه من الوعد والوعيد على أنه لا بد من الحاقة وهي القيامة ليظهر فيها تأويله وإجماله وتفصيله ، ويتضح غاية الاتضاح سبيله ، وتحق فيها حقائقه وتظهر جلائله ودقائقه بما يقع من الحساب ، ويتبين غاية البيان ويظهر{[67817]} الخطأ من الصواب - {[67818]}والله الهادي{[67819]} .
فقد رجعت خاتمتها - كما ترى - على فاتحتها بالنون والقلم وما يسطرون من هذا الذكر ، وسلب ما قالوا فيه من الجنون والإقسام على الخلق العظيم الذي هو هذا الذكر الحكيم ، ونبه كونه ذكراً لجميع الخلق بما فيه من الوعد والوعيد على أنه لا بد من الحاقة وهي القيامة ليظهر فيها تأويله وإجماله وتفصيله ، ويتضح غاية الاتضاح سبيله ، وتحق فيها حقائقه وتظهر جلائله ودقائقه بما يقع من الحساب ، ويتبين غاية البيان ويظهر الخطأ من الصواب - والله الهادي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.