لقد أقرأه فلا ينسى ( إلا ما شاء الله )ويسره لليسرى . لينهض بالأمانة الكبرى . . ليذكر . فلهذا أعد ، ولهذا بشر . . فذكر حيثما وجدت فرصة للتذكير ، ومنفذا للقلوب ، ووسيلة للبلاغ . ذكر ( إن نفعت الذكرى ) . . والذكرى تنفع دائما ، ولن تعدم من ينتفع بها كثيرا كان أو قليلا . ولن يخلو جيل ولن تخلو أرض ممن يستمع وينتفع ، مهما فسد الناس وقست القلوب وران عليها الحجاب . .
وحين نتأمل هذا الترتيب في الآيات ، ندرك عظمة الرسالة ، وضخامة الأمانة ، التي اقتضت للنهوض بها هذا التيسير لليسرى ، وذلك الإقراء والحفظ وتكفل الله بهما ؛ كي ينهض الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] بعبء التذكير ، وهو مزود بهذا الزاد الكبير .
{ فذكر . . . } فذكر الناس – حسبما يسرناك له – بم يوحى إليك ، واهدهم إلى ما فيه خيرهم ، وحذرهم من متابعة أهوائهم . وخص بالتذكير – بعد أن ذكرت الناس عامة وبالغت في ذلك – من يرجى منه التذكر ، ولا تتعب نفسك في تذكير من لا يورثه التذكير إلا عتوا ونفورا . وهو كقوله تعالى " فذكر بالقرآن من يخاف وعيده " {[402]} وقوله سبحانه : " فأعرض عمن تولى عن ذكرنا " {[403]} أي بعد أن ذكرت وبلغت ، كرر التذكير لمن يخاف الوعيد ، ولا تكرره لمن أعرض عن ذكرنا .
{ فَذَكِّرْ } بشرع الله وآياته { إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى } أي : ما دامت الذكرى مقبولة ، والموعظة مسموعة ، سواء حصل من الذكرى جميع المقصود أو بعضه .
ومفهوم الآية أنه إن لم تنفع الذكرى ، بأن كان التذكير يزيد في الشر ، أو ينقص من الخير ، لم تكن الذكرى مأمورًا بها ، بل منهيًا عنها ، فالذكرى ينقسم الناس فيها قسمين : منتفعون وغير منتفعين .
قوله تعالى : " فذكر " أي فعظ قومك يا محمد بالقرآن . " إن نفعت الذكرى " أي الموعظة . وروى يونس عن الحسن قال : تذكرة للمؤمن ، وحجة على الكافر . وكان ابن عباس يقول : تنفع أوليائي ، ولا تنفع أعدائي . وقال الجرجاني : التذكير واجب وإن لم ينفع . والمعنى : فذكر إن نفعت الذكرى ، أو لم تنفع ، فحذف ، كما قال : " سرابيل تقيكم الحر{[15975]} " [ النحل : 81 ] . وقيل : إنه مخصوص بأقوام بأعيانهم . وقيل : إن " إن " بمعنى ما ، أي فذكر ما نفعت الذكرى ، فتكون " إن " بمعنى ما ، لا بمعنى الشرط ؛ لأن الذكرى نافعة بكل حال . قاله ابن شجرة . وذكر بعض أهل العربية : " أن " " إن " بمعنى إذ ، أي إذ نفعت ، كقوله تعالى : " وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين{[15976]} " [ آل عمران : 139 ] أي إذ كنتم ، فلم يخبر بعلوهم إلا بعد إيمانهم . وقيل : بمعنى قد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.