قوله : { فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذكرى } . أي : فعظ قومك يا محمد بالقرآن { إِن نَّفَعَتِ الذكرى } أي : الموعظة ، و«إن » شرطية ، وفيه استبعاد لتذكرهم ؛ ومنه قوله : [ الوافر ]
5180- لَقدْ أسْمعْتَ لوْ نَاديْتَ حَيًّا *** ولكِنْ لا حَياةَ لِمَنْ تُنَادِي{[59913]}
وقيل : «إن » بمعنى : «إذا » كقوله : { وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } [ آل عمران : 139 ] أي : إذا كنتم مؤمنين .
وقيل : هي بمعنى : «قد » ذكره ابن خالويه ، وهو بعيد .
وقيل : بعده شيء محذوف ، تقديره : إن نفعت الذكرى ، وإن لم تنفع ، كقوله : { سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحر } [ النحل : 81 ] ، قاله الفراء والنحاس والجرجاني والزهراوي .
وقيل : إنه مخصوصٌ في قوم بأعيانهم .
وقيل : «إن » بمعنى : «ما » أي : فذكر ما نفعت الذِّكرى ، فتكون «إن » بمعنى : «ما » لا بمعنى : الشرط ؛ لأن الذكرى نافعة بكل حال . قاله ابن شجرة .
قال ابنُ الخطيب{[59914]} : إنه صلى الله كان مبعوثاً إلى الكل ، فيجب عليه تذكيرهم سواء إن نفعت الذكرى ، أو لم تنفعهم ، فما فائدة هذا الشرط ، وهو قوله : { إِن نَّفَعَتِ الذكرى } والجواب من وجوه : إمَّا أن يكون المراد : التنبيه على أشرف الحالين ، وهو وجود النفع الذي لأجله شرعت الذكرى ، قال : والمعلق ب «إن » على الشيء لا يلزمُ أن يكون عدماً عند عدم ذلك الشيء ، ويدل عليه آيات منها هذه الآية ، ومنها قوله تعالى : { واشكروا للَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } [ البقرة : 172 ] ، ومنها قوله تعالى : { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصلاة إِنْ خِفْتُمْ } [ النساء : 101 ] ، فإن القصر جائز عند الخوف وعدمه ، ومنها قوله تعالى : { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ أَن يَتَرَاجَعَآ إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ الله وَتِلْكَ حُدُودُ الله } [ البقرة : 230 ] ، والمراجعة جائزة بدون هذا الظنِّ ، وإن كان كذلك ، فهذا الشرط فيه فوائد منها ما تقدم ، ومنها : تعقل ، وهو تنبيه للنبي صلى الله عليه وسلم على أنهم لا تنفعهم الذكرى ، أو يكون هذا في تكرير الدعوة ، فأما الدعاء الأول فعام .
فإن قيل : الله - تعالى - عالم بعواقب الأمور بمن يؤمن ، ومن لا يؤمن ، والتعليق بالشرط ، إنما يحسن في حق من ليس بعالم .
فالجواب : أن أمر البعثة والدعوة شيء ، وعلمه تعالى بالمغيبات ، وعواقب الأمور غيره ، ولا يمكن بناء أحدهما على الآخر ، كقوله تعالى لموسى وهارون - عليهما الصلاة والسلام - : { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى } [ طه : 44 ] ، وهو تعالى عالم بأنه لا يتذكر ولا يخشى .
فإن قيل : التذكير المأمور به ، هل هو مضبوط بعدد أو لا ؟ وكيف يكون الخروج عن عهدة التذكير ؟ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.