السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَذَكِّرۡ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكۡرَىٰ} (9)

والأمر في قوله تعالى : { فذكر } للنبيّ صلى الله عليه وسلم أي : فذكر بالقرآن { إن نفعت الذكرى } أي : الموعظة ، وإن شرطية ، وفيه استبعاد لتذكرهم . ومنه قول القائل :

لقد أسمعت لو ناديت حياً *** ولكن لا حياة لمن تنادي

ولأنه صلى الله عليه وسلم قد استفرغ مجهوده في تذكيرهم ، وما كانوا يزيدون على زيادة الذكرى إلا عتوّاً وطغياناً ، وكان صلى الله عليه وسلم يتلظى حسرة وتلهفاً ويزداد جهداً في تذكيرهم ، وحرصاً عليه فقيل : إن نفعت الذكرى وذلك بعد إلزام الحجة بتكرير التذكير . وقيل : إن بمعنى إذ كقوله تعالى : { وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين } [ آل عمران : 139 ] وقيل : بعده شيء محذوف تقديره إن نفعت الذكرى وإن لم تنفع . كقوله تعالى : { سرابيل تقيكم الحرّ } [ النحل : 81 ] أي : البرد وقاله الفراء والنحاس . وقيل : إن بمعنى ما لا بمعنى الشرط لأنّ الذكرى باقية بكل حال .