فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَذَكِّرۡ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكۡرَىٰ} (9)

{ فذكر إن نفعت الذكرى } أي عظ يا محمد الناس بما أوحينا إليك وأرشدهم إلى سبل الخير ، واهدهم إلى شرائع الدين ، قال الحسن تذكرة للمؤمن وحجة على الكافر .

قال الواحدي : إن نفعت أو لم تنفع ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث مبلغا للإعذار والإنذار فعليه التذكير في كل حال نفع أو لم ينفع ، ولم يذكر الحالة الثانية كقوله { سرابيل تقيكم الحر } : قال الجرجاني : التذكير واجب وإن لم ينفع فالمعنى إن نفعت الذكرى أو لم تنفع ، وقيل إنه مخصوص في قوم بأعيانهم ، وقيل إن بمعنى ما أي فذكر ما نفعت الذكرى لأن الذكرى نافعة بكل حال وقيل إنها بمعنى ( قد ) ذكره ابن خالويه وهو بعيد جدا ، وقيل إنها بمعنى إذ .

وما قاله الواحدي والجرجاني أولى وقد سبقهما إلى القول به الفراء والنحاس والزهراوي . قال الرازي : قوله { إن نفعت الذكرى } للتنبيه على أشرف الحالين وهو وجود النفع الذي لأجله شرعت الذكرى والمعلق بإن على الشيء لا يلزم أن يكون عدما عند عدم ذلك الشيء ، ويدل عليه آيات منها هذه الآية ، ومنها قوله تعالى { واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون } ومنها قوله { ولا جناح عليكم أن تقصروا من الصلاة إن خفتم } فإن القصر جائز عند الخوف وعدمه ، ومنها قوله { فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله } والمراجعة جائزة بدون هذا الظن .

فهذا الشرط فيه فوائد منها ما تقدم ، ومنها البعث على الانتفاع بالذكر كما يقول الرجل لمن يرشد ، قد أوضحت لك إن كنت تعقل ، وهو تنبيه للنبي صلى الله عليه وسلم على أنها لا تنفعهم الذكرى ، أو يكون هذا في تكرير الدعوة فأما الدعاء الأول فهو عام انتهى .