البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَذَكِّرۡ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكۡرَىٰ} (9)

ولما أخبر أنه يقرئه وييسره ، أمره بالتذكير ، إذ ثمرة الإقراء هي انتفاعه في ذاته وانتفاع من أرسل إليهم .

والظاهر أن الأمر بالتذكير مشروط بنفع الذكرى ، وهذا الشرط إنما جيء به توبيخاً لقريش ، أي { إن نفعت الذكرى } في هؤلاء الطغاة العتاه ، ومعناه استبعاد انتفاعهم بالذكرى ، فهو كما قال الشاعر :

لقد أسمعت لو ناديت حياً *** ولكن لا حياة لمن تنادي

كما تقول : قل لفلان وأعد له إن سمعك ؛ فقوله : إن سمعك إنما هو توبيخ وإعلام أنه لن يسمع .

وقال الفراء والنحاس والزهراوي والجرجاني معناه : وإن لم ينفع فاقتصر على القسم الواحد لدلالته على الثاني .

وقيل : إن بمعنى إذ ، كقوله : { وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين } أي إذ كنتم ؛ لأنه لم يخبر بكونهم الأعلون إلا بعد إيمانهم .