في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَيۡنَهُمۡ شَدِيدٞۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (14)

( لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر . بأسهم بينهم شديد . تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى . ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ) .

وما تزال الأيام تكشف حقيقة الإعجاز في " تشخيص " حالة المنافقين وأهل الكتاب حيثما التقى المؤمنون بهم في أي زمان وفي أي مكان . بشكل واضح للعيان . ولقد شهدت الاشتباكات الأخيرة في الأرض المقدسة بين المؤمنين الفدائيين وبين اليهود مصداق هذا الخبر بصورة عجيبة . فما كانوا يقاتلونهم إلا في المستعمرات المحصنة في أرض فلسطين . فإذا انكشفوا لحظة واحدة ولوا الأدبار كالجرذان . حتى لكأن هذه الآية نزلت فيهم ابتداء . وسبحان العليم الخبير !

وتبقى الملامح النفسية الأخرى ( بأسهم بينهم شديد ) . . ( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى )على خلاف المؤمنين الذين تتضامن أجيالهم ، وتجمعهم آصرة الإيمان من وراء فواصل الزمان والمكان ، والجنس والوطن والعشيرة . . ( ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ) . .

والمظاهر قد تخدع فنرى تضامن الذين كفروا من أهل الكتاب فيما بينهم ، ونرى عصبيتهم بعضهم لبعض ، كما نرى تجمع المنافقين أحيانا في معسكر واحد . ولكن الخبر الصادق من السماء يأتينا بأنهم ليسوا كذلك في حقيقتهم ؛ إنما هو مظهر خارجي خادع . وبين الحين والحين ينكشف هذا الستار الخداع . فيبدو من ورائه صدق الخبر في دنيا الواقع المنظور ، وينكشف الحال عن نزاع في داخل المعسكر الواحد ، قائم على اختلاف المصالح وتفرق الأهواء ، وتصادم الاتجاهات . وما صدق المؤمنون مرة ، وتجمعت قلوبهم على الله حقا إلا وانكشف المعسكر الآخر أمامهم عن هذه الاختلافات وهذا التضارب وهذا الرياء الذي لا يمثل حقيقة الحال . وما صبر المؤمنون وثبتوا إلا وشهدوا مظهر التماسك بين أهل الباطل يتفسخ وينهار ، وينكشف عن الخلاف الحاد والشقاق والكيد والدس في القلوب الشتيتة المتفرقة !

إنما ينال المنافقون والذين كفروا من أهل الكتاب . . من المسلمين . . عندما تتفرق قلوب المسلمين ، فلا يعودون يمثلون حقيقة المؤمنين التي عرضتها الآية في المقطع السابق في هذه السورة . فأما في غير هذه الحالة فالمنافقون أضعف وأعجز ، وهم والذين كفروا من أهل الكتاب متفرقو الأهواء والمصالح والقلوب ( بأسهم بينهم شديد ) . . ( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ) . .

والقرآن يقر هذه الحقيقة في قلوب المؤمنين ، ليهون فيها من شأن أعدائهم ؛ ويرفع منها هيبة هؤلاء الأعداء ورهبتهم . فهو إيحاء قائم على حقيقة ؛ وتعبئة روحية ترتكن إلى حق ثابت . ومتى أخذ المسلمون قرآنهم مأخذ الجد هان عليهم أمر عدوهم وعدو الله ، وتجمعت قلوبهم في الصف الواحد ، فلم تقف لهم قوة في الحياة .

والمؤمنون بالله ينبغي لهم أن يدركوا حقيقة حالهم وحال أعدائهم . فهذا نصف المعركة . والقرآن يطلعهم على هذه الحقيقة في سياق وصفه لحادث وقع ، وفي سياق التعقيب عليه ، وشرح ما وراءه من حقائق ودلائل ، شرحا يفيد منه الذين شهدوا ذلك الحادث بعينه ، ويتدبره كل من جاء بعدهم ، وأراد أن يعرف الحقيقة من العالم بالحقيقة !

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَيۡنَهُمۡ شَدِيدٞۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (14)

{ لا يقاتلونكم } أي اليهود والمنافقون . وقيل : اليهود . أي لا يقدرون على قتالكم{ جميعا } أي مجتمعين في موطن واحد . { إلا في قرى محصنة } بالخنادق والحصون ونحوها . { أو من وراء جدر } يتسترون بها دون أن يصحروا لكم ويبارزوكم ؛ لفرط رهبتهم منكم . جمع جدار . { بأسهم بينهم شديد } أي إذا لم يلقوا عدوا نسبوا أنفسهم إلى الشدة والبأس ، ولكن إذا لقوا العدو انهزموا . { وقلوبهم شتى } أهواؤهم متفرقة فيما بينهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَيۡنَهُمۡ شَدِيدٞۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (14)

{ 14 } { لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا } أي : في حال الاجتماع { إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ } أي : لا يثبتون لقتالكم{[1045]}  ولا يعزمون عليه ، إلا إذا كانوا متحصنين في القرى ، أو من وراء الجدر والأسوار .

فإنهم إذ ذاك ربما يحصل منهم امتناع ، اعتمادا [ على ] حصونهم وجدرهم ، لا شجاعة بأنفسهم ، وهذا من أعظم الذم ، { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } أي : بأسهم فيما بينهم شديد ، لا آفة في أبدانهم ولا في قوتهم ، وإنما الآفة في ضعف إيمانهم وعدم اجتماع كلمتهم ، ولهذا قال : { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا } حين تراهم مجتمعين ومتظاهرين .

{ و } لكن { قلوبهم شَتَّى } أي : متباغضة متفرقة متشتتة .

{ ذَلِكَ } الذي أوجب لهم اتصافهم بما ذكر { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ } أي : لا عقل عندهم ، ولا لب ، فإنهم لو كانت لهم عقول ، لآثروا الفاضل على المفضول ، ولما رضوا لأنفسهم بأبخس الخطتين ، ولكانت كلمتهم مجتمعة ، وقلوبهم مؤتلفة ، فبذلك يتناصرون ويتعاضدون ، ويتعاونون على مصالحهم ومنافعهم الدينية والدنيوية .

مثل هؤلاء المخذولين من أهل الكتاب ، الذين انتصر الله لرسوله منهم ، وأذاقهم الخزي في الحياة الدنيا .


[1045]:- في ب: على قتالكم.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَيۡنَهُمۡ شَدِيدٞۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (14)

{ لا يقاتلونكم جميعا } أي اليهود { إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر } أي لما ألقى الله في قلوبهم من الرعب لا يقاتلونكم الا متحصنين بالقرى والجدران ولا يبرزن لقتالكم { بأسهم بينهم شديد } خلافهم بينهم عظيم { تحسبهم جميعا } مجتمعين متفقين { وقلوبهم شتى } مختلفة متفرقة و { ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } عن الله أمره .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَيۡنَهُمۡ شَدِيدٞۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (14)

ولما أخبر برهبتهم دل عليها بقوله : { لا يقاتلونكم } أي كل من الفريقين اليهود والمنافقين أو أحدهما . ولما كان الشيء قد يطلق ويراد بعضه ، حقق الأمر بقوله : { جميعاً } أي {[64031]}قتالاً يقصدونه مجاهرة وهم{[64032]} مجتمعون كلهم في وقت من الأوقات ومكان من الأماكن { إلا في قرى محصنة } أي ممنعة{[64033]} بحفظ الدروب وهي السكك الواسعة بالأبواب والخنادق ونحوها { أو من وراء جدر } أي محيط بهم سواء كان بقرية أو غيرها لشدة خوفهم ، وقد أخرج بهذا ما حصل من بعضهم{[64034]} عن ضرورة كاليسير ، ومن كان ينزل{[64035]} من أهل خيبر من الحصن يبارز ونحو ذلك ، فإنه لم يكن عن اجتماع ، أو يكون هذا خاصاً ببني النضير في هذه الكرة{[64036]} .

ولما كان ربما ظن أن هذا عن عجز منهم لازم لهم دفعه{[64037]} بقوله إعلاماً بأنه إنما هو من معجزات هذا الدين{[64038]} : { بأسهم } أي قوتهم{[64039]} ما فيهم من الصفات التي يتأثر عنها{[64040]} العذاب { بينهم شديد } أي إذا أداروا{[64041]} رأياً أو حارب بعضهم بعضاً فجرأ المؤمنين عليهم{[64042]} بأن ما ينظرونه من{[64043]} شدتهم وشجاعتهم إذا حاربوا المشركين {[64044]}لا ينكر{[64045]} عند محاربة{[64046]} المؤمنين كرامة{[64047]} أكرم الله بها المؤمنين تتضمن علماً من أعلام النبوة{[64048]} تقوية لإيمانهم{[64049]} وإعلاء لشأنهم .

ولما كانت علة الشدة الاجتماع ، شرح حالتي الشدة والرهبة بقوله مخاطباً للنبي صلى الله عليه وسلم إشارة إلى شدة ما يظهرون{[64050]} من ألف بعضهم لبعض : { تحسبهم } أي اليهود والمنافقين يا أعلى الخلق ويا أيها الناظر من كان لذلك التعاطف{[64051]} الظاهر { جميعاً } لما هم فيه من اجتماع الدفاع{[64052]} وعن ذلك نشأت الشدة { وقلوبهم شتى } أي مفترقة أشد افتراق ، وعن ذلك نشأت الرهبة ، وموجب هذا الشتات{[64053]} اختلاف الأهواء{[64054]} التي لا جامع لها من نظام{[64055]} العقل كالبهائم وإن اجتمعوا في عداوة أهل الحق كاجتماع{[64056]} البهائم في الهرب من الذئب ، قال القشيري : اجتماع النفوس مع تنافر{[64057]} القلوب واختلافها أصل كل فساد و{[64058]}موجب كل تخاذل ، ومقتض لتجاسر{[64059]} العدو ، واتفاق القلوب{[64060]} والاشتراك{[64061]} في الهمة والتساوي في القصد{[64062]} يوجب كل ظفر{[64063]} وكل سعادة{[64064]} .

ولما كان السبب الأعظم في الافتراق ضعف العقل ، قال معللاً : { ذلك } أي الأمر الغريب من الافتراق بعد{[64065]} الاتفاق الذي يخيل{[64066]} الاجتماع { بأنهم قوم } أي مع شدتهم{[64067]} { لا يعقلون * } فلا دين لهم يجمعهم{[64068]} لعلمهم أنهم على الباطل فهم{[64069]} أسرى الأهوية ، والأهوية في غاية الاختلاف ، فالعقل مدار الاجتماع كما{[64070]} كان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم {[64071]}كما أن{[64072]} الهوى مدار الاختلاف .


[64031]:- زيدت الواو بعده في الأصل ولم تكن في ظ وم فحذفناها.
[64032]:- زيد من م.
[64033]:- من ظ، وفي الأصل وم: ممتنعه.
[64034]:- من ظ وم، وفي الأصل: لبعضهم.
[64035]:- من ظ وم، وفي الأصل: يترك.
[64036]:- من م، وفي الأصل وظ: الكثرة.
[64037]:- من ظ وم، وفي الأصل: فقيد.
[64038]:- من ظ وم، وفي الأصل: النبي.
[64039]:- من ظ وم، وفي الأصل: شدتهم.
[64040]:- من ظ وم، وفي الأصل: فيها.
[64041]:- من ظ وم، وفي الأصل: أرادوا.
[64042]:- من ظ وم، وفي الأصل: دل ما يشيروا وله على.
[64043]:- من ظ وم، وفي الأصل: دل ما يشيروا وله على.
[64044]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[64045]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[64046]:- من ظ وم، وفي الأصل: المحاربة.
[64047]:- من ظ وم، وفي الأصل: كم النعمة.
[64048]:- من ظ وم، وفي الأصل: لتقوية دايما فيهم.
[64049]:- من ظ وم، وفي الأصل: لتقوية دايما فيهم.
[64050]:- من ظ وم، وفي الأصل: يغرمون.
[64051]:- من ظ وم، وفي الأصل: متطف.
[64052]:- زيد من ظ وم.
[64053]:- من ظ وم، وفي الأصل: يختلاف الأصل.
[64054]:- من ظ وم، وفي الأصل: يختلاف الأصل.
[64055]:- من ظ وم، وفي الأصل: النظام.
[64056]:- من ظ و م، وفي الأصل: فاجتماع.
[64057]:- من ظ وم، وفي الأصل: تنافرت.
[64058]:- زيد من ظ وم.
[64059]:- من ظ وم، وفي الأصل: لتحاير.
[64060]:- من ظ وم، وفي الأصل: بل اشتراك.
[64061]:- من ظ وم، وفي الأصل: العصمة.
[64062]:- من ظ وم، وفي الأصل: الظفر.
[64063]:- من ظ وم، وفي الأصل: السعادة.
[64064]:- من ظ وم، وفي الأصل: بعده.
[64065]:من ظ وم، وفي الأصل: بعده.
[64066]:- من ظ وم، وفي الأصل: يخل.
[64067]:- زيد في الأصل: وفوتهم بمحق إن كل، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[64068]:- من ظ وم، وفي الأصل: يجيعهم.
[64069]:- من ظ وم، وفي الأصل: فهو.
[64070]:- من ظ وم، وفي الأصل "و".
[64071]:- من ظ وم، وفي الأصل: كمال.
[64072]:- من ظ وم، وفي الأصل: كمال.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۭۚ بَأۡسُهُم بَيۡنَهُمۡ شَدِيدٞۚ تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (14)

قوله : { لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة } يعني لا يقاتلكم اليهود مجتمعين إلا وهم متمكنون في حصونهم المنيعة التي يصعب اقتحامها أو اختراقها والسيطرة عليها إلا بسلطان من الله وعونه ومدده { أو من وراء جدر } يعني أو يقاتلونكم من خلف حواجز قوية مكينة ، يستترون بها ليقاتلوكم من ورائها .

وفي قوله ههنا { جدر } بالتنكير لا التعريف ما يثير الانتباه ويلفت النظر .

فهؤلاء القوم لا يجرؤون على قتال المسلمين إلا من خلف جدر صلبة تقيهم الضربات من أمامهم . ولئن كانت الجدر الواقية فيما مضى تعني الحيطان الواقية ، فهي في العصر الراهن صفائح سميكة ومتينة من الحديد الصلب الذي تتركب منه الحافلات والناقلات والدبابات . فما كان ليهود أن يجرؤوا على قتال المسلمين في معركة من المعارك إلا أن يحسبوا لذلك كل حساب ثم يقاتلون وهم محصنون في أجواف الدبابات المنيعة الصلبة ، يستترون بجدرها الواقية القوية .

قوله : { بأسهم بينهم شديد } يعني عداوة بعضهم لبعض شديدة فهم فيما بينهم متدابرون وإنما يتناسبون مباغضاتهم فيما بينهم إذا دهمهم العدو لقتالهم أو حزبتهم الشدائد من الخارج .

قوله : { تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى } أي تحسب أن هؤلاء اليهود مؤتلفون متوادون فيما بينهم ولكنهم في الحقيقة ، قلوبهم متنافرة متباغضة . فهم أولو أهواء كثيرة ومختلفة فتختلف بذلك قلوبهم . وهم لا يجتمعون إلا ليواجهوا المسلمين في قتال أو حرب وحينئذ يتعارفون ويتلاقون ثم تنقلب قلوبهم في أحوال السلم لتكون متفرقة شتى .

قوله : { ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } سبب ضلالهم وفسقهم وما بينهم من المباغضات وتفرق القلوب أنهم { قوم لا يعقلون } لا يعلمون أن الصواب في منهج الله الحق وفي سبيله المستقيم . وإنما يتبعون أهواءهم وما تحفزهم إليه شهواتهم ومصالحهم .