في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ} (2)

أيها التاركون ما تتكاثرون فيه وتتفاخرون إلى حفرة ضيقة لا تكاثر فيها ولا تفاخر . . استيقظوا وانظروا . . فقد ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ) .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ} (2)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يعني : حتى صرتم إلى المقابر فدفنتم فيها ، وفي هذا دليل على صحة القول بعذاب القبر ؛ لأن الله تعالى ذكره ، أخبر عن هؤلاء القوم الذين ألهاهم التكاثر ، أنهم سيعلمون ما يلقون إذا هم زاروا القبور ، وعيدا منه لهم وتهدّدا ....

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

فيه وجهان :

أحدهما : حتى أتاكم الموت فصرتم في المقابر زوّاراً ، ترجعون منها كرجوع الزائر إلى منزله ، من جنة أو نار .

الثاني .....أي حتى ذكرتم الأموات في المقابر . ...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

وقيل : كانوا يزورون المقابر فيقولون : هذا قبر فلان وهذا قبر فلان عند تفاخرهم . والمعنى : ألهاكم ذلك - وهو مما لا يعينكم ولا يجدي عليكم في دنياكم وآخرتكم - عما يعينكم من أمر الدين الذي هو أهم وأعنى من كل مهم . أو أراد ألهاكم التكاثر بالأموال والأولاد إلى أن متم وقبرتم ، منفقين أعماركم في طلب الدنيا ، والاستباق إليها ، والتهالك عليها ، إلى أن أتاكم الموت ، لا همّ لكم غيرها ، عما هو أولى بكم من السعي لعاقبتكم ، والعمل لآخرتكم . وزيارة القبور : عبارة عن الموت . ...

التفسير القيم لابن القيم 751 هـ :

وجعل الغاية زيارة المقابر دون الموت ....وأنهم فيها بمنزلة الزائرين ، يحضرونها مدة ثم يظعنون عنها ، كما كانوا في الدنيا زائرين لها ، غير مستقرين فيها ، ودار القرار هي الجنة أو النار . ...

الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي 875 هـ :

وهذا خبرٌ فيه تَقْرِيعٌ وتوبيخ وتحسُّرٌ ....

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ} (2)

ولما كانوا ينكرون البعث ، ويعتقدون دوام الإقامة في القبور ، عبر بالزيارة إشارة إلى أن البعث لا بد منه ، ولا مرية فيه ، وأن اللبث في البرزخ وإن طال فإنما هو كلبث الزائر عند مزوره في جنب الإقامة بعد البعث في دار النعيم أو غار الجحيم ، وأن الإقامة فيه محبوبة للعلم بما بعده من الأهوال والشدائد والأوجال ، فقال : { حتى } أي استمرت مباهاتكم ومفاخرتكم إلى أن { زرتم المقابر * } أي بالموت والدفن ، فكنتم فيها عرضة للبعث ، لا تتمكنون من عمل ما ينجيكم ؛ لأن دار العمل فاتت ، كما أن الزائر ليس بصدد العلم عند المزور ، لا يمكثون بها إلا ريثما يتكمل المجموعون بالموت ، كما أن الزائر معرض للرجوع إلى داره ومحل قراره ، فلو لم يكن لكم وازع عن الإقبال على الدنيا إلا الموت لكان كافياً ، فكيف والأمر أعظم من ذلك ؟ فإن الموت مقدمة من مقدمات العرض . قال أبو حيان : سمع بعض الأعراب الآية فقال : بعث القوم للقيامة ورب الكعبة ، فإن الزائر منصرف لا مقيم . وروى ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز أنه قرأها ثم قال : ما أرى المقابر إلا زيارة ، ولا بد لمن زار أن يرجع إلى بيته ، إما إلى الجنة أو إلى النار .

وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : لما تقدم ذكر القارعة وعظيم أهوالها ، أعقب بذكر ما شغل وصد عن الاستعداد لها ، وألهى عن ذكرها ، وهو التكاثر بالعدد والقرابات والأهلين فقال : { ألهاكم التكاثر } ، وهو في معرض التهديد والتقريع ، وقد أعقب بما يعضد ذلك ، وهو قوله { كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون } ثم قال : { كلا لو تعلمون علم اليقين } ، وحذف جواب " لو " ، والتقدير : لو تعلمون علم اليقين لما شغلكم التكاثر ، قال صلى الله عليه وسلم : " لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً " الحديث ، وقوله تعالى " لترون الجحيم " ، جواب لقسم مقدر ، أي والله لترون الجحيم ، وتأكد بها التهديد ، وكذا ما بعد إلى آخر السورة - انتهى .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ} (2)

قوله : { حتى زرتم المقابر } يعني حتى أتاكم الموت ، وحينئذ ترون ما يحيق بكم من شديد العذاب . فما كنتم تفاخرون به الناس تركتموه وراء ظهركم لغيركم . وفي هذا روى مسلم في صحيحة عن أبي هريرة ( رضي الله عنه ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول العبد : مالي مالي ، وإنما له من ماله ثلاث : ما أكل فأفنى ، أو لبس فأبلى ، أو تصدق فأمضى . وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس " ، وروى البخاري عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يتبع الميت ثلاثة ، فيرجع اثنان ، ويبقى معه واحد : يتبعه أهله وماله وعمله ، فيرجع أهله وماله ، ويبقى عمله " .

على أن زيارة القبور مندوب إليها ، فهي تذكّر الموت والآخرة ، وتدعو إلى الزهد في الدنيا . وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : " كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروا القبور ، فإنها تزهد في الدنيا ، وتذكّر الآخرة " ، وكفى بالموت واعظا ، فإنه هادم اللذات ، ومفرّق الجماعات ، وميتّم البنين والبنات ، على أن زيارة القبور للرجال مندوب إليها . أما زيارة النساء للقبور فمختلف في حكمها . فقد قيل بحرمتها في حق النساء ، وذلك لما رواه الترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لعن الله زوّارات القبور " ، ولعل علة النهي عن زيارتهن القبور حصول الفتنة . فإذا لم يكن ثمة فتنة في زيارتهن فلا حرج عليهن في ذلك . وعلى هذا إذا انفردت النساء بالخروج عن الرجال فغابت أسباب الفتنة ، أبيح لهن الخروج .