تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ} (2)

ذمّ التفاخر بالدنيا

بسم الله الرحمان الرحيم

{ ألهاكم التكاثر 1 حتى زرتم المقابر 2 كلاّ سوف تعلمون 3 ثم كلاّ سوف تعلمون 4 كلاّ لو تعلمون علم اليقين 5 لترونّ الجحيم 6 ثم لترونّها عين اليقين 7 ثم لتسألن يومئذ عن النعيم 8 }

المفردات :

ألهاكم : شغلكم .

التكاثر : التباهي والتفاخر بالكثرة في الأموال والأولاد والأهل والعشيرة .

زرتم المقابر : صرتم إليها ودفنتم فيها .

التفسير :

1 ، 2- ألهاكم التكاثر* حتى زرتم .

شغلكم طلب الكثير من المال والجاه والسلطان ، رغبة في كثرة ما تملكون ، لتكونوا أكثر مالا أو متاعا من أندادكم ونظرائكم ، ولم تلتفتوا إلى عين الحقيقة ، وهي أن المال الحقيقي هو الذي ينفقه الإنسان في سبيل الله ، وأن الفضل الحقيقي هو عمل الخير والمعروف ابتغاء وجه الله ، لأن ذلك هو الذي ينفعك في قبرك ، ويعلي درجتك في الآخرة .

حتى زرتم المقابر .

حتى ذهبتم إلى المقابر ودفنتم فيها ، ولم تجدوا أثرا لتكاثر الدنيا ، والتشبّع بأموالها .

وفي قوله : حتى زرتم المقابر . إشارة لطيفة إلى أن بيت الإقامة الدائمة هو الجنة أو النار ، أما الزائر فإنه ينتقل عن بيت الزيارة ، فالقبر مدفن مؤقّت ، والدار الآخرة هي الحياة الدائمة .

وقيل : إن الآية تحتمل معنى آخر ، هو : شغلكم التفاخر والتكاثر بالأحياء حتى زرتم المقابر لتفتخروا بمن مات منكم من عظماء الدنيا على القبائل الأخرى .

أو المعنى : بنيتم مقابر مشيّدة تفاخرا بها ، كما قال الشاعر :

أرى أهل القصور إذا أميتوا *** بنوا فوق المقابر بالصخور

أبوا إلا مباهاة وفخرا *** على الفقراء حتى في القبور