في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ} (15)

والله - سبحانه - يقرر أن هذا الذي تطهر وذكر اسم ربه ، فاستحضر في قلبه جلاله : ( فصلى ) . . إما بمعنى خشع وقنت . وإما بمعنى الصلاة الاصطلاحي ، فكلاهما يمكن أن ينشأ من التذكر واستحضار جلال الله في القلب ، والشعور بمهابته في الضمير . . هذا الذي تطهر وذكر وصلى ( قد أفلح )يقينا . أفلح في دنياه ، فعاش موصولا ، حي القلب ، شاعرا بحلاوة الذكر وإيناسه . وأفلح في أخراه ، فنجا من النار الكبرى ، وفاز بالنعيم والرضى . .

فأين عاقبة من عاقبة ? وأين مصير من مصير ?

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ} (15)

وذكر اسم خالقه بقلبه ولسانه فصلّى خاشعا يرجو رحمة ربه .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ} (15)

{ وَذَكَرَ اسم رَبّهِ } بلسانه وقلبه لا بلسانه مع غفلة القلب إذ مثل ذلك لا ثواب فيه فلا ينبغي أن يدخل فيما يترتب عليه الفلاح والذكر القلبي باستحضار اسمه تعالى في القلب وإن كان ممدوحاً بلا شبهة إلا إن أردته بخصوصه مما ذكر خلاف الظاهر وحكاه في «مجمع البيان » عن بعض وما روى عن ابن عباس من قوله أي ذكر معاده وموقفه بين يدي ربه عز وجل ظاهر فيه وفي اقحام لفظ اسم وذهب بعض الحنفية إلى أن المراد بهذا الذكر تكبيرة الافتتاح كأنه قيل وكبر للافتتاح .

{ فصلى } أي الصلوات الخمس كما أخرجه ابن المنذر وغيره عن ابن عباس وروى ذلك في حديث مرفوع وقيل الصلاة المفروضة وما أمكن من النوافل واحتج بذلك على وجوب التكبيرة حيث نيط به الفلاح ووقع بين واجبين بل فرضين التزكي من الشرك والصلاة مع أن الاحتياط في العبادات واجب فلا يضر الاحتمال وعلى أن الافتتاح جائز بكل اسم من أسمائه عز وجل وهو ظاهر وعلى أن التكبيرة شرط لا ركن للعطف بالفاء وعطف الكل على الجزء كعطف العام على الخاص وإن جاز لا يكون بها مع أنه لو سلم صحته بتكلف فلا بد من نكتة ليدعى وقوعه في الكلام المعجز فحيث لم تظهر لم يصح ادعاؤه وبناء الركنية عليه والإنصاف أنه مع ما سمعت احتجاج ليس بالقوي وقيل هو خصوص بسم الله الرحمن الرحيم قبل الصلاة وليس بشيء وعن علي كرم الله تعالى وجهه { تزكى } أي تصدق صدقة الفطر وذكر اسم ربه كبر يوم العيد فصلى صلاة العيد وعن جماعة من السلف ما يقتضي ظاهره ذلك وتعقب بأن الصلاة مقدمة على الزكاة في القرآن وأن السورة مكية ولم يكن حينئذ عيد ولا فطر ورد بأن ذلك إذا ذكرت باسمها أما إذا ذكرت بفعل فتقديمها غير مطرد ومنه { فلا صدق ولا صلى } [ القيامة : 31 ] على أنه يجوز أن تكون مخالفة العادة ههنا للإرشاد إلى أن هذه الزكاة المقدمة قولاً ينبغي تقديمها فعلاً على الصلاة ولهذا كانوا يخرجونها قبل أن يصلوا العيد كما جاء في الآثار وكون السورة مكية غير مجمع عليه وعلى القول بمكيتها الذي هو الأصح يكون ذلك مما تأخر حكمه عن نزوله وأقول يجوز أن يقال تزكى أي تطهر من الشرك بأن آمن من بقلبه وذكر اسم ربه أي قال لا إله إلا الله فصلي أي الصلاة المفروضة وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس ما يؤيده فيكون تزكى إشارة إلى التصديق بالجنان وذكر اسم ربه إلى النطق باللسان وصل إلى العمل بالأركان لما أن الصلاة عماد الدين وأفضل الأعمال البدنية وناهية عن الفحشاء والمنكر فلا بدع أن تذكر فيراد جمع الأعمال البدنية والعبادات القالبية وقد يقال اقتصر على ذكر الصلاة لأن الفرائض والواجبات البدنية لم تكن تامة يوم نزول السورة وكانت الصلاة أهم ما نزل إن كان نزل غيرها وقد روى عطاء عن ابن عباس ويزيد النحوي عن عكرمة والحسن بن أبي الحسن إن أول ما نزل من القرآن بمكة { اقرأ باسم رَبّكَ } [ العلق : 1 ] ثم { ن } ثم { المزمل } ثم { المدثر } ثم { تُبْتُ } ثم { إِذَا الشمس كُوّرَتْ } [ التكوير : 1 ] ثم { سَبِّحِ اسم رَبّكَ } ثم إن من رادف لا إله إلا الله محمد رسول الله وكان ذكر الله تعالى المطلوب هو مجموع الجملتين فلا بعد في أن يراد من ذكره تعالى في الآية وإذا اعتبر الاتيان باسمه عز وجل في الجملة الثانية على الوجه الذي أتى به ذكراً له تعالى كان أمر الإرادة أقرب وهذا الوجه لا يخلو عن حسن وكلمة { قد } لما أنه عند الاخبار بسوء حال المتجنب عن الذكر في الآخرة يتوقع السامع الاخبار بحسن حال المتذكر فيها ولا يبعد أن تكون الجملة مستأنفة استئنافاً جواباً لسؤال نشأ عن بيان حال المتجنب والسكوت عن حال المتذكر الذي يخشى فكأنه قيل ما حال من تذكر فقيل قد أفلح إلى آخره وكان الظاهر قد أفلح من تذكر إلا أنه وضع من تزكى إلى آخره موضع من تذكر إشارة إلى بيان المتذكر بسماته .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ} (15)

قوله : { وذّكر اسم ربه فصلّى } أي خشي الله بقلبه فخشع وخشعت جوارحه وذكر المعاد والوقوف بين يديه فعبده واتقاه وأذعن لجلاله بالخوف والامتثال { فصلى } أي أدى الصلاة المفروضة ، وهي الصلوات الخمس . وهو قول ابن عباس . وقيل : المراد بذلك صلاة العيد .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ} (15)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : "وَذَكَرَ اسْمَ رَبّهِ فَصَلّى"؛

فقال بعضهم : معنى ذلك : وحّد الله ...

وقال آخرون : بل معنى ذلك : وذكر الله ودعاه ورغب إليه ...

والصواب من القول في ذلك : أن يقال : وذكر الله فوحّده ، ودعاه ورغب إليه ، لأن كلّ ذلك من ذكر الله ، ولم يخصُصِ الله تعالى من ذكره نوعا دون نوع .

وقوله : "فَصَلّى" اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ؛ فقال بعضهم : عُنِي به : فصّلى الصلوات الخمس ...

وقال آخرون : عني به : صلاة العيد يوم الفطر .

وقال آخرون : بل عُني به : وذكر اسم ربه فدعا، وقالوا : الصلاة ها هنا : الدعاء .

والصواب من القول أن يقال : عُنِي بقوله : فَصَلّى : الصلوات ، وذكر الله فيها بالتحميد والتمجيد والدعاء .

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

يحتمل أن يكون أريد به أنواع العبادات لا الصلاة المعروفة وحدها ، لأن الصلاة اسم للدعاء والثناء والأنواع من الكرامات . فإنه يقول : بذكر الرب ما يصل إلى العبادات ، ومن أعرض عن ذكره حرم من العبادات ، أو يكون منصرفا إلى الصلاة المعروفة ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ وذكر } أي بالقلب واللسان ....{ اسم ربه } أي صفات المحسن إليه فإنه إذا ذكر الصفة سر بها فأفاض باطنه على ظاهره ذكر اللفظ الدال عليها ، وإذا ذكر ذلك اللفظ وهو الاسم الدال عليها انطبع في قلبه ذكر المسمى { فصلّى } أي الصلاة الشرعية لأنها أعظم الذكر ، فهي أعظم عبادات البدن كما أن الزكاة أعظم عبادات المال ....

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

( فصلى ) . . إما بمعنى خشع وقنت . وإما بمعنى الصلاة الاصطلاحي ، فكلاهما يمكن أن ينشأ من التذكر واستحضار جلال الله في القلب ، والشعور بمهابته في الضمير . . هذا الذي تطهر وذكر وصلى ( قد أفلح )يقينا . أفلح في دنياه ، فعاش موصولا ، حي القلب ، شاعرا بحلاوة الذكر وإيناسه . وأفلح في أخراه ، فنجا من النار الكبرى ، وفاز بالنعيم والرضى . ...