في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَهۡلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوۡ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (28)

ولقد كانوا يتربصون بالنبي [ صلى الله عليه وسلم ] والحفنة المؤمنة التي معه أن يهلكوا فيستريحوا منهم ؛ وكانوا يتواصون بينهم بالصبر عليه حتى يوافيه الأجل ، فتسكن هذه الزوبعة التي أثارتها الدعوة في صفوفهم . كما كانوا يتبجحون أحيانا فيزعمون أن الله سيهلك محمدا ومن معه لأنهم ضالون ، ولأنهم يكذبون على الله فيما يقولون ! فهنا أمام مشهد الحشر والجزاء ، ينبههم إلى أن أمنيتهم حتى لو تحققت لا تعصمهم هم من عاقبة الكفر والضلال . فأولى لهم أن يتدبروا أمرهم قبل هذا الموعد الذي واجههم به كأنه واقع بهم :

( قل : أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا ، فمن يجير الكافرين من عذاب أليم ? ) . .

وهو سؤال يردهم إلى تدبر حالهم ، والتفكير في شأنهم ، وهو الأولى ! فما ينفعهم أن تتحقق أمانيهم فيهلك الله النبي ومن معه - كما لا ينقذهم بطبيعة الحال أن يرحم الله نبيه ومن معه . والله باق لا يموت . وهو الذي ذرأهم في الأرض وإليه يحشرون . .

ولكنه لا يقول لهم : فمن يجيركم من عذاب أليم ? ولا ينص على أنهم كافرون . إنما يلوح لهم بالعذاب الذي ينتظر الكافرين : ( فمن يجير الكافرين من عذاب أليم ) . . وهو أسلوب في الدعوة حكيم ، يخوفهم من ناحية ، ويدع لهم فرصة للتراجع عن موقفهم من ناحية . فلو جابههم بأنهم كافرون ، وأنه لا مفر لهم من العذاب الأليم . . فربما جهلوا وحمقوا وأخذتهم العزة بالإثم أمام الاتهام المباشر والتهديد .

ففي بعض الحالات يكون أسلوب التلميح أفعل في النفس من أسلوب التصريح !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَهۡلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوۡ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (28)

أرأيتم : أخبروني .

قل لهم : أخبِروني ماذا تستفيدون إن أماتنيَ اللهُ ومن معي من المؤمنين ،

أو رحمَنا فأخّر آجالنا وعافانا من عذابه ؟ فهل هذا كله يمنع الكافرين من عذابٍ أليمٍ استحقّوه بكفرهم وغرورهم ! .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَهۡلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوۡ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (28)

شرح الكلمات :

{ قل أرأيتم } : أي أخبروني .

{ ومن معي } : أي من المؤمنين .

{ أو رحمنا } : أي لم يهلكنا .

{ فمن يجير الكافرين } : أي فمن يحفظ ويقي الكافرين العذاب .

المعنى :

ما زال السياق الكريم في مطلب هداية كفار قريش فقال تعالى لرسوله قل لهؤلاء المشركين الذين تمنوا موتك وقالوا نتربص به ريب المنون قل لهم { أرأيتم } أي أخبروني { إن أهلكني الله ومن معي } من المؤمنين ، { أو رحمنا } فلم يهلكنا بعذاب { فمن يجير الكافرين من عذاب أليم ؟ } والجواب : لا أحد إذاً فماذا تنتفعون بهلاكنا .

الهداية :

من الهداية :

- بيان ما كان عليه المشركون من عداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنوا موته .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَهۡلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوۡ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (28)

ولما كان المكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم ، [ الذين ] يردون دعوته ، ينتظرون هلاكه ، ويتربصون به ريب المنون ، أمره الله أن يقول لهم : أنتم{[1184]}  وإن حصلت لكم أمانيكم{[1185]}  وأهلكني الله ومن معي ، فليس ذلك بنافع لكم شيئًا ، لأنكم كفرتم بآيات الله ، واستحققتم العذاب ، فمن يجيركم من عذاب أليم قد تحتم وقوعه بكم ؟ فإذًا ، تعبكم وحرصكم على هلاكي غير مفيد ولا مجد لكم شيئًا . ومن قولهم ، إنهم على هدى ، والرسول على ضلال ، أعادوا في ذلك وأبدوا ، وجادلوا عليه وقاتلوا ،


[1184]:- في ب: إنكم.
[1185]:في ب: أمنيتكم.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَهۡلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوۡ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (28)

ولما كان من المعلوم أن من نهى آخر عن هواه وبالغ في ذلك ، أبغضه ذلك الناهي وتمنى هلاكه ، فكيف إذا والى عليه الإنذار والتخويف بما لا يصل إلى دركه عقله ، ولا يرى له مقدمة{[67129]} بتحققها ، وكان الكفار يسعون في هلاك النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعه كل سعي ، وكان هلاك{[67130]} النذير إنما ينفع المنذر على تقدير نجاته من هول ما كان يحذره منه النذير ، أمره سبحانه أن{[67131]} يذكرهم بهذا لينظروا في ذلك المتوعد به ، فإن كان ممكناً سعوا في الخلاص مما قد يكون منه من العذاب ، وسلكوا في الهرب منه مسلكاً سهلاً بعيداً من سوء الانقلاب ، ودخلوا إلى فسيح المانع منه من أوسع باب ، أو كفوا{[67132]} عن السعي في هلاك النذير ، وطووا ما مدوا له من الأسباب ، ليدلهم إذا كان صادقاً على شيء يحميهم ، أو يخفف عنهم ذلك المصاب ، فقال منبهاً على شدة الحذر من مكر الله ، وعدم الاغترار به{[67133]} للمؤمن الطائع ، لعلمه أنه لا يقدر أن يقدر الله حق قدره ، فكيف بالعاصي فضلاً عن الكافر ، مكرراً للأمر بالقول تنبيهاً على أن كل جملة صدرت به ، كافية في الدلالة على مقصود السورة ، وعائدة إليه لما{[67134]} اشتملت عليه من باهر القدرة ووافر العظمة : { قل } أي {[67135]}يا أفضل الخلق كلهم وأشرفهم وأعظمهم وأتقاهم{[67136]} لهؤلاء الذين طال تضجرهم منك ، وهم يتمنون هلاكك {[67137]}حسداً منهم ، وعمى في قلوبهم ، وبعداً وطرداً ، قد استحكم واستدار بهم ، ذلك تقدير العزيز العليم{[67138]} { أرءيتم } أي أخبروني خبراً أنتم في الوثوق به على ما هو كالرؤية .

ولما كانوا غير عالمين بعاقبة الأمر في هلاكه ومن معه بما يقصدونهم به ، حذرهم عاقبة ذلك بالتعبير بأداة الشك ، وإسناد الإهلاك إلى الله ، معبراً عن الاسم الدال على تناهي العظمة إلى حد لا يدع لغيره منها شيئاً ، إعلاماً بأنه على القطع بأنه لا شيء في أيديهم ، فهو لا يخافهم بوجه فقال : { إن أهلكني } أي أماتني بعذاب أو غيره { الله } أي{[67139]} الذي له من صفات{[67140]} الجلال والإكرام ما يعصم به وليه ويقصم به عدوه ، { ومن معي } أي من المؤمنين والمناصرين رضي الله عنهم أجمعين بغضبه علينا ، مع ما لنا من الأسباب بالطاعة بالأعمال الصالحة ، التي رتب سبحانه عليها الفوز والنجاة ، حتى لا يبقى أحد{[67141]} ممن يكدر عليكم بالمنع من الهوى القائد إلى{[67142]} القوى ، والحث على العقل الضامن للنجاة . { أو رحمنا } بالنصرة وإظهار الإسلام كما نرجو ، فأنجانا{[67143]} بذلك من كل سوء ، ووقانا كل محذور ، وأنالنا كل سرور ، فالآية من الاحتباك : ذكر الإهلاك أولاً دليلاً على النجاة ثانياً ، والرحمة ثانياً دليلاً على الغضب أولاً . { فمن } وكان ظاهر الحال يقتضي : يجيركم مع طلبكم المسببات من الفوز والنجاة بغير أسباب ، بل بأسباب{[67144]} منافية للنجاة ، جالبة للعذاب ، فوضع الظاهر موضع الضمير {[67145]}تعميماً وتعليقاً{[67146]} للحكم بالوصف ، واستعطافاً لهم إلى إيقاع الإيمان والرجوع عن الكفران ، فقال : { يجير الكافرين } أي العريقين في الكفر ، بأن يدفع{[67147]} عنهم ما يدفع الجار عن جاره { من عذاب أليم * } يصيبهم به الذي{[67148]} هم عالمون بأنه لا شيء إلا{[67149]} بيده ، وإلا لنجى أحد من الموت الذي خلقه وقدره بين عباده ، جزاء على ما كانوا يؤلمون من يدعوهم إليه وينصحهم فيه ، فإذا كان لا ينجيهم من عذابه شيء ، سواء متنا أو بقينا ، فالذي ينبغي لهم إن كانوا عقلاء ، السعي فيما ينجي من عذابه ، لا السعي في إهلاك من هو ساع في خلاصهم من العذاب ، ولا يقدرون على إهلاكه أصلاً ، إلا بتقدير الذي أمره بإنذارهم .


[67129]:- من ظ وم، وفي الأصل: مقدمته.
[67130]:- من ظ وم، وفي الأصل: إهلاك.
[67131]:- من ظ وم، وفي الأصل: بأن.
[67132]:- من ظ وم، وفي الأصل: وكفوا.
[67133]:- زيد من ظ وم.
[67134]:- من ظ وم، وفي الأصل: إلى ما.
[67135]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67136]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67137]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67138]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67139]:- زيد من ظ وم.
[67140]:- سقط من ظ وم.
[67141]:- من ظ وم، وفي الأصل: أحدا.
[67142]:- من ظ وم، وفي الأصل: على.
[67143]:- من ظ وم، وفي الأصل: فانجدنا.
[67144]:- من ظ وم، وفي الأصل: أسباب.
[67145]:- من ظ وم، وفي الأصل: تعليقا وتعميما.
[67146]:- من ظ وم، وفي الأصل: تعليقا وتعميما.
[67147]:- من ظ وم، وفي الأصل: بديع.
[67148]:- من ظ وم، وفي الأصل: الذين.
[67149]:- زيد من ظ وم.