قوله تعالى : { والسابقون السابقون } قال ابن عباس : السابقون إلى الهجرة هم " السابقون " في الآخرة . وقال عكرمة : " السابقون " إلى الإسلام . قال ابن سيرين : هم الذين صلوا إلى القبلتين ، دليله : قوله :{ والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار }( التوبة- 100 ) . قال الربيع بن أنس : السابقون إلى إجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا هم السابقون إلى الجنة في العقبى . وقال مقاتل : إلى إجابة الأنبياء صلوات الله عليهم بالإيمان . وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه : إلى الصلوات الخمس . وقال الضحاك : إلى الجهاد . وقال سعيد بن جبير : هم المسارعون إلى التوبة وإلى أعمال البر . قال الله تعالى : { سابقوا إلى مغفرة من ربكم }( الحديد- 21 ) ، ثم أثنى عليهم ، فقال :{ أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون }( المؤمنون-61 ) قال ابن كيسان : والسابقون إلى كل ما دعا الله إليه . وروي عن كعب قال : هم أهل القرآن المتوجون يوم القيامة . وقيل : هم أولهم رواحاً إلى المسجد وأولهم خروجاً في سبيل الله . وقال القرظي : إلى كل خير .
قوله تعالى : " والسابقون السابقون " روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( السابقون الذين إذا أعطوا الحق قبلوه وإذا بذلوه وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم ) ذكره المهدوي . وقال محمد بن كعب القرظي : إنهم الأنبياء . الحسن وقتادة : السابقون إلى الإيمان من كل أمة . ونحوه عن عكرمة . محمد بن سيرين : هم الذين صلوا إلى القبلتين ، دليله قوله تعالى : " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار{[14622]} " [ التوبة : 100 ] . وقال مجاهد وغيره : هم السابقون إلى الجهاد ، وأول الناس رواحا إلى الصلاة . وقال علي رضي الله عنه : هم السابقون إلى الصلوات الخمس . الضحاك : إلى الجهاد . سعيد بن جبير : إلى التوبة وأعمال البر ، قال الله تعالى : " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم{[14623]} " [ آل عمران : 133 ] ثم أثنى عليهم فقال : " أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون{[14624]} " [ المؤمنون : 61 ] . وقيل : إنهم أربعة ، منهم سابق أمة موسى وهو حزقيل مؤمن آل فرعون ، وسابق أمة عيسى وهو حبيب النجار صاحب أنطاكية ، وسابقان في أمة محمد صلى الله عليه وسلم وهما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ، قاله ابن عباس ، حكاه الماوردي . وقال شميط بن العجلان : الناس ثلاثة ، فرجل ابتكر للخير في حداثة سنه داوم عليه حتى خرج من الدنيا ، فهذا هو السابق المقرب ، ورجل ابتكر عمره بالذنوب ثم طول الغفلة ثم رجع بتوبته حتى ختم له بها فهذا من أصحاب اليمين ، ورجل ابتكر عمره بالذنوب ثم لم يزل عليها حتى ختم له بها فهذا من أصحاب الشمال . وقيل : هم كل من سبق إلى شيء من أشياء الصلاح . ثم قيل : " السابقون " رفع بالابتداء والثاني توكيد له والخبرة " أولئك المقربون " وقال الزجاج : " السابقون " رفع بالابتداء والثاني خبره ، والمعنى السابقون إلى طاعة الله هم السابقون إلى رحمة الله
{ والسابقون السابقون } الأول مبتدأ والثاني خبره على وجه التعظيم كقولك : أنت أنت أو على معنى أن السابقين إلى طاعة الله هم السابقون إلى الجنة ، وقيل : إن السابقون الثاني صفة للأول أو تأكيد ، والخبر أولئك المقربون ، والأرجح أن يكون الثاني خبرا للأول لأنه في مقابلة قوله : { أصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة } ، و{ أصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة } ، وعلى هذا يوقف على السابقون الثاني ويبتدئ بما بعده .
ولما ذكر القسمين ، وكان كل منهما قسمين ، ذكر أعلى أهل القسم الأول ترغيباً في أحسن حالهم ولم يقسم أهل المشأمة ترهيباً من سوء مآلهم فقال : { والسابقون } أي إلى أعمال الطاعة أصحاب الجنتين الأوليين في الرحمان وهم أصحاب القلب { السابقون * } أي هم الذين يستحقون الوصف بالسبق لا غيرهم لأنه منزلة أعلى من منزلتهم فلذلك سبقوا إلى منزلتهم وهي جنتهم وهم قسمان كما يأتي عن الرازي ، وعن المهدوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " السابقون الذين إذا أعطوا الحق قبلوه وإذا سألوه بذلوه وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم " .
قوله : { والسابقون السابقون } السابقون ، مبتدأ . والسابقون بعد خبره . وقيل : السابقون ، الثاني تأكيد للأول . والخبر ، الجملة بعده . أما السابقون فهم الذين يبادرون إلى فعل الخيرات والطاعات ويعلمون الصالحات من أمر بمعروف ، ونهي عن منكر ، وجهاد في سبيل الله ، وغير ذلك من وجوه العبادات والقربات . أولئك السابقون إلى السعادة والنجاة والفوز بجنة الله ورضوانه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.