في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا} (8)

( ويطعمون الطعام - على حبه - مسكينا ويتيما وأسيرا ) . .

وهي تصور شعور البر والعطف والخير ممثلا في إطعام الطعام ، مع حبه بسبب الحاجة إليه . فمثل هذه القلوب لا يقال عنها : إنها تحب الطعام الذي تطعمه للضعاف المحاويج على اختلاف أنواعهم . إلا أن تكون في حاجة هي إلى هذا الطعام ، ولكنها تؤثر به المحاويج .

وهذه اللفتة تشي بقسوة البيئة في مكة بين المشركين ؛ وأنها كانت لا تفضي بشيء للمحاويج الضعاف ؛ وإن كانت تبذل في مجالات المفاخرة الشيء الكثير . فأما الأبرار عباد الله فكانوا واحة ظليلة في هذه الهاجرة الشحيحة . وكانوا يطعمون الطعام بأريحية نفس ، ورحمة قلب ، وخلوص نية . واتجاه إلى الله بالعمل ، يحكيه السياق من حالهم ، ومن منطوق قلوبهم .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا} (8)

وهم يُطعِمون الطعام رغم حاجتهم إليه ، إلى المسكين واليتيم والفقير . . والمرادُ من إطعام الطعام الإحسانُ الى المحتاجين ومواساتهم بأي وجه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا} (8)

{ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ } أي : وهم في حال يحبون فيها المال والطعام ، لكنهم قدموا محبة الله على محبة نفوسهم ، ويتحرون في إطعامهم أولى الناس وأحوجهم { مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا} (8)

{ ويطعمون الطعام على حبه } على قلته وحبهم إياه { مسكينا } فقيرا { ويتيما } لا أب له { وأسيرا } أي المملوك والمحبوس في حق من المسلمين ويقولون لهم

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا} (8)

قوله تعالى : " ويطعمون الطعام على حبه " قال ابن عباس ومجاهد : على قلته وحبهم إياه وشهوتهم له . وقال الداراني : على حب الله . وقال الفضيل بن عياض : على حب إطعام الطعام . وكان الربيع بن خيثم إذا جاءه السائل قال : أطعموه سكرا فإن الربيع يحب السكر . " مسكينا " أي ذا مسكنة . وروى أبو صالح عن ابن عباس قال : هو الطواف يسألك مالك " ويتيما " أي من يتامى المسلمين . وروى منصور عن الحسن : أن يتيما كان يحضر طعام ابن عمر ، فدعا ذات يوم بطعامه ، وطلب اليتيم فلم يجده ، وجاءه بعد ما فرغ ابن عمر من طعامه فلم يجد الطعام ، فدعا له بسويق وعسل ، فقال : دونك هذا ، فوالله ما غبنت ؛ قال الحسن وابن عمر : والله ما غبن .

" وأسيرا " أي الذي يؤسر فيحبس . فروى أبو صالح عن ابن عباس قال : الأسير من أهل الشرك يكون في أيديهم . وقال قتادة . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : الأسير هو المحبوس . وكذا قال سعيد بن جبير وعطاء : هو المسلم يحبس بحق . وعن سعيد بن جبير مثل قول قتادة وابن عباس . قال قتادة : لقد أمر الله بالأسرى أن يحسن إليهم ، وأن أسراهم يومئذ لأهل الشرك ، وأخوك المسلم أحق أن تطعمه .

وقال عكرمة : الأسير العبد . وقال أبو حمزة الثمالي : الأسير المرأة ، يدل عليه قوله عليه السلام : ( استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم ) أي أسيرات . وقال أبو سعيد الخدري : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم " ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا " فقال : ( المسكين الفقير ، واليتيم الذي لا أب له ، والأسير المملوك والمسجون ) ذكره الثعلبي . وقيل : نسخ إطعام المسكين آية الصدقات ؛ وإطعام الأسير ( آية ) السيف . قاله سعيد بن جبير . وقال غيره : بل هو ثابت الحكم ، وإطعام اليتيم والمسكين على التطوع ، وإطعام الأسير لحفظ نفسه إلا أن يتخير فيه الإمام . الماوردي : ويحتمل أن يريد بالأسير الناقص العقل ؛ لأنه في أسر خبله وجنونه ، وأسر المشرك انتقام يقف على رأي الإمام ، وهذا بر وإحسان . وعن عطاء قال : الأمير من أهل القبلة وغيرهم .

قلت : وكأن هذا القول عام يجمع جميع الأقوال ، ويكون إطعام الأسير المشرك قربة إلى الله تعالى ، غير أنه من صدقة التطوع ، فأما المفروضة فلا . والله أعلم .

ومضى القول في المسكين واليتيم والأسير واشتقاق ذلك من اللغة في " البقرة " {[15673]} مستوفى والحمد لله .


[15673]:راجع جـ 2 ص 14 فما بعدها ، وص 21.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا} (8)

ولما كان من خاف شيئاً سعى في الأمن منه بكل{[70594]} ما عساه ينفع فيه-{[70595]} ، وكان قد ذكر تذرعهم{[70596]} بالواجب ، أتبعه المندوب دلالة على أنهم لا ركون لهم إلى الدنيا ولا وثوق{[70597]} بها ، فقد جمعوا إلى كرم الطبع بالوفاء ورقة القلب شرف النفس بالانسلاخ من الفاني فقال : { ويطعمون الطعام } أي على حسب ما يتيسر لهم من عال ودون على الدوام . ولما كان الإنسان قد يسمح بما لا يلذ له قال : { على حبه } أي حبه إياه حباً هو في غاية المكنة منهم-{[70598]} والاستعلاء على قلوبهم لقلته وشهوتهم له-{[70599]} وحاجتهم إليه كما قال تعالى :

{ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون }[ آل عمران : 92 ] ليفهم أنهم للفضل أشد بذلاً ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم{[70600]} : " لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم أي الصحابة رضي الله عنهم - ولا نصيفه " لقلة الموجود إذ ذاك وكثرته{[70601]} بعد { مسكيناً } أي محتاجاً احتياجاً يسيراً ، فصاحب الاحتياج الكثير أولى { ويتيماً } أي صغيراً لا أب له ذكراً كان أو أنثى { وأسيراً * } أي في أيدي{[70602]} الكفار أي أعم من ذلك ، فيدخل فيه المملوك والمسجون والكافر الذي في أيدي المسلمين ، وقد نقل في غزوة بدر أن بعض الصحابة رضي الله عنهم كان يؤثر أسيره على نفسه بالخبز{[70603]} ، وكان الخبز إذ ذاك عزيزاً حتى كان ذلك-{[70604]} الأسير يعجب من مكارمهم{[70605]} حتى كان ذلك مما دعاه إلى الإسلام ، وذلك لأن{[70606]} النبي صلى الله عليه وسلم لما دفعهم إليهم قال : " استوصوا بهم خيراً " ومن حكم الأسير الحقيقي كل مضرور{[70607]} يفعلون ذلك والحال أنهم يقولون بلسان الحال أو القال{[70608]} إن احتيج إليه إزاحة لتوهم المن أو توقع{[70609]} المكافأة مؤكدين إشارة إلى أن الإخلاص أمر عزيز لا يكاد أحد يصدق أنه يتأتى لأحد :


[70594]:من ظ و م، وفي الأصل: من كل.
[70595]:زيد من ظ و م.
[70596]:من ظ و م، وفي الأصل: تراعهم.
[70597]:زيد في الأصل: لهم، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[70598]:زيد من ظ و م.
[70599]:زيد من ظ و م.
[70600]:راجع مسند الإمام أحمد 2/11.
[70601]:من ظ، وفي الأصل: أكثرهم، وفي م: أكثره.
[70602]:من ظ، وفي الأصل و م: يد.
[70603]:من ظ و م، وفي الأصل: في الخبز.
[70604]:زيد من ظ و م.
[70605]:في ظ: مكارمه.
[70606]:من ظ، وفي الأصل و م: أن.
[70607]:زيدت الواو بعده في الأصل ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[70608]:في ظ و م: لامقال.
[70609]:من ظ و م، وفي الأصل: يتوقع.
 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا} (8)

ويُطْعِمون الطعام مع حبهم له وحاجتهم إليه ، فقيرًا عاجزًا عن الكسب لا يملك من حطام الدنيا شيئًا ، وطفلا مات أبوه ولا مال له ، وأسيرًا أُسر في الحرب من المشركين وغيرهم ،

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا} (8)

قوله : { ويطعمون الطعام على حبّه } يعني يطعمون المحاويج والعالة { على حبه } أي على قلته وحبهم إياه وحاجتهم له .

قوله : { مسكينا ويتيما وأسيرا } أما المسكين فقد ذكر في حقيقته جملة أقوال ، منها : أنه الذي لا شيء له فهو بذلك أسوأ حالا من الفقير . وقيل : المسكين والفقير بمعنى . فهما في القلة وسوء الحال سواء . وقيل غير ذلك .

وأما اليتيم ، فهو الطفل الذي مات أبوه ولا شيء له .

وأما الأسير ، فهو المأسور من أهل الشرك لدى المسلمين ، فإنه يجب الإحسان إليه . ويشهد لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه يوم بدر بتكريم الأسارى فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الغداء . وقيل : المراد بهم العبيد أو الأرقاء فقد وصّى النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إليهم . فقد روي أن آخر ما وصّى به النبي صلى الله عليه وسلم كان قوله : " الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم " . والأخبار في وجوب الإحسان إلى الأرقاء كثيرة .