في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لِمَن شَآءَ مِنكُمۡ أَن يَتَقَدَّمَ أَوۡ يَتَأَخَّرَ} (37)

وفي ظل هذه الإيقاعات المثيرة الخطيرة يعلن تبعة كل نفس لذاتها وعلى ذاتها ؛ ويدع للنفوس أن تختار طريقها ومصيرها ؛ ويعلن لها أنها مأخوذة بما تكسبه باختيارها ، مرهونة بأعمالها وأوزارها :

( لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر . كل نفس بما كسبت رهينة ) . .

فكل فرد يحمل هم نفسه وتبعتها ، ويضع نفسه حيث شاء أن يضعها ، يتقدم بها أو يتأخر ، ويكرمها أو يهينها . فهي رهينة بما تكسب ، مقيدة بما تفعل . وقد بين الله للنفوس طريقة لتسلك إليه على بصيرة ، وهو إعلان في مواجهة المشاهد الكونية الموحية ، ومشاهد سقر التي لا تبقي ولا تذر . . له وقعه وله قيمته !

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{لِمَن شَآءَ مِنكُمۡ أَن يَتَقَدَّمَ أَوۡ يَتَأَخَّرَ} (37)

قوله تعالى : " لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر " اللام متعلقة ب " نذيرا " ، أي نذيرا لمن شاء منكم أن يتقدم إلى الخير والطاعة ، أو يتأخر إلى الشر والمعصية ، نظيره : " ولقد علمنا المستقدمين منكم " [ الحجر : 24 ] أي في الخير " ولقد علمنا المستأخرين " [ الحجر : 24 ] عنه . قال الحسن : هذا وعيد وتهديد وإن خرج مخرج الخبر ؛ كقوله تعالى : " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " [ الكهف : 29 ] . وقال بعض أهل التأويل : معناه لمن شاء الله أن يتقدم أو يتأخر ، فالمشيئة متصلة بالله جل ثناؤه ، والتقديم الإيمان ، والتأخير الكفر . وكان ابن عباس يقول : هذا تهديد وإعلام أن من تقدم إلى الطاعة والإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم جوزي بثواب لا ينقطع ، ومن تأخر عن الطاعة وكذب محمدا صلى الله عليه وسلم عوقب عقابا لا ينقطع .

وقال السدي : " لمن شاء منكم أن يتقدم " إلى النار المتقدم ذكرها ، " أو يتأخر " عنها إلى الجنة .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{لِمَن شَآءَ مِنكُمۡ أَن يَتَقَدَّمَ أَوۡ يَتَأَخَّرَ} (37)

{ لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر } التقديم عبارة عن تقديم سلوك طريق الهدى والتأخر ضده ولمن شاء بدل من البشر أي : هم متمكنون من التقدم والتأخر وقيل : معناه الوعيد كقوله : { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } [ الكهف : 29 ] وعلى هذا أعرب الزمخشري : أن يتقدم مبتدأ ولمن شاء خبره والأول أظهر .