الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{لِمَن شَآءَ مِنكُمۡ أَن يَتَقَدَّمَ أَوۡ يَتَأَخَّرَ} (37)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{لمن شاء منكم أن يتقدم} في الخير {أو يتأخر} منه إلى المعصية، هذا تهديد، كقوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

نذيرا للبشر لمن شاء منكم أيها الناس أن يتقدّم في طاعة الله، أو يتأخر في معصية الله.

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

أي: يتقدم إلى الإيمان أو يتأخر عنه.

معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي 516 هـ :

والمعنى: أن الإنذار قد حصل لكل واحد ممن آمن أو كفر.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

هو بيان في النذارة وإعلام أن كل أحد يسلك طريق الهدى والحق إذا حقق النظر، أي: هو بعينه يتأخر عن هذه الرتبة بغفلته وسوء نظره.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان التقدم عند الناس لا سيما العرب محبوباً والتأخر مكروهاً، وكان سبحانه وتعالى قد خلق في الإنسان قوة واختياراً بها يفعل ما قدره الله له وغطى عنه علم العاقبة، قال تعالى باعثاً لهم على الخير ومبعداً من الشر مستأنفاً أو مبدلاً جواباً لمن يقول: وما عسى أن نفعل؟ أو ينفع الإنذار وقد قال إنه هو الهادي المضل {يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء} {لمن شاء} أي بإرادته، وصرح بالمقصود لئلا يتعنت متعنتهم فيقول: المراد غيرنا، فقال: {منكم} أي أيها المعاندون {أن يتقدم} أي إلى الخيرات {أو يتأخر} أي عنها فيصل إلى غضب الله تعالى والنار التي هي أثر غضبه، التي جعل ما عندنا من مؤلم الحر ومهلك البرد متأثراً عن نفسيها تذكيراً لنا ورحمة بنا، وحذف المفعول لأن استعماله كثير حتى صار يعرف وإن لم يذكر، وترجمة ذلك: لمن شاء أن يتقدم التقدم بما له من المكنة والاختيار في ظاهر الأمر، ولمن شاء أن يتأخر التأخر، و {أن يتقدم} مبتدأ، وهو مثل: لمن يتوضأ أن يصلي. ويجوز أن تكون الجملة بدلاً من "للبشر " على طريق الالتفات من الغائب إلى الحاضر ليصير كل مخاطب به كأنه هو المقصود بذلك بالقصد الأول، فيتأمل المعنى في نفسه فيجده صادقاً، ثم يتأمل فلا يجد مانعاً من تعديته إلى غيره من جميع البشر.

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

وخلاصة ما سلف: ها أنتم أولاء قد علمتم سقر وعذابها وملائكتها، فمن تقدم إلى الخير أطلقناه، ومن تأخر عنه سلكناه فيها. قال ابن عباس: هذا تهديد وإعلام بأن من تقدم إلى الطاعة والإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم جوزي بثواب لا ينقطع أبدا، ومن تأخر عن الطاعة وكذب محمدا صلى الله عليه وسلم عوقب عقابا لا ينقطع أبدا.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وفي ظل هذه الإيقاعات المثيرة الخطيرة يعلن تبعة كل نفس لذاتها وعلى ذاتها؛ ويدع للنفوس أن تختار طريقها ومصيرها؛ ويعلن لها أنها مأخوذة بما تكسبه باختيارها، مرهونة بأعمالها وأوزارها:

(لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر. كل نفس بما كسبت رهينة)..

فكل فرد يحمل هم نفسه وتبعتها، ويضع نفسه حيث شاء أن يضعها، يتقدم بها أو يتأخر، ويكرمها أو يهينها. فهي رهينة بما تكسب، مقيدة بما تفعل. وقد بين الله للنفوس طريقة لتسلك إليه على بصيرة، وهو إعلان في مواجهة المشاهد الكونية الموحية، ومشاهد سقر التي لا تبقي ولا تذر.. له وقعه وله قيمته!

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والمعنى: إنها نذير لمن شاء أن يتقدم إلى الإِيمان والخير لينتذر بها، ولمن شاء أن يتأخر عن الإيمان والخير فلا يرعوي بنذارتها لأن التقدّم مشي إلى جهة الإمام فكأنَّ المخاطب يمشي إلى جهة الداعي إلى الإِيمان وهو كناية عن قبول ما يدعو إليه، وبعكسه التأخر، فحذف متعلق {يتقدم ويتأخّر} لظهوره من السياق.

ويجوز أن يقدر: لمن شاء أن يتقدم إليها، أي إلى سَقَر بالإِقدام على الأعمال التي تُقدمه إليها، أو يتأخر عنها بتجنب ما من شأنه أن يقربه منها.

وتعليق {نذيراً} بفعل المشيئة إنذار لمن لا يتذكر بأن عدم تذكره ناشئ عن عدم مشيئته فتبعتُه عليه لتفريطه، وقد تقدم في سورة المزمل (19) قوله: {إنَّ هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربّه سبيلاً وفي ضمير منكم} التفات من الغيبة إلى الخطاب لأن مقتضى الظاهر أن يقال: لمن شاء منهم، أي من البشر.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

لينطلق في خط التقدم في طاعة الله الذي يدفع الإنسان إلى الأمام ليصل به الطريق إلى الجنة، أو في خط التأخر في معصية الله الذي يرجع به القهقرى إلى نار جهنم، إنه الإِنذار الصارخ الأخير الذي لا بد للإنسان من أن يواجهه بكل إرادة المسؤولية في ذاته.