تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{لِمَن شَآءَ مِنكُمۡ أَن يَتَقَدَّمَ أَوۡ يَتَأَخَّرَ} (37)

31

المفردات :

أن يتقدم : إلى الخير والإيمان والجنة .

يتأخر : يتخلف عن الإيمان إلى الكفر .

التفسير :

37- لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر .

لقد ذكرنا ما ذكرنا في هذه السورة ، أو في وصف جهنم ، تحذيرا للبشر من جهنم وأهوالها ، وهذا التحذير لمن شاء أن يتقدم نحو الإيمان والإسلام والهداية والرضوان ، أو يتأخر إلى الكفر والفسوق والعصيان ، فإنه يمهّد نفسه للنيران .

قال ابن عباس : من شاء اتبع طاعة الله ، ومن شاء تأخّر عنها بمعصيته .

وقال الحسن : هذا وعيد وتهديد وإن خرج مخرج الخبر ، كقوله تعالى : فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر . . . ( الكهف : 29 ) .

في ظلال القرآن الكريم

الله تعالى إذا كلّف ملكا بشيء وهبه القدرة التي ينفّذ بها ما كلف به ، فانشغال الكفار بعدد الملائكة من حرّاس جهنم في غير موضعه ، لأمر الأمر متعلق بقدرة الله وإرادته ، وهو إذا أراد شيئا قال له كن فيكون ، والملائكة : لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون . ( التحريم : 6 ) . وإذا كانت الملائكة قد كلّفت بالقيام على سقر ، فهم مزوّدون من قبله تعالى بالقوة المطلوبة لهذه المهمة ، ولا طاقة للبشر في مغالبة قدرة الله ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون . ( يوسف : 21 ) .

والقسم بالقمر يلفت النظر إلى التأمل في هذا الكوكب ، وتنقّله من هلال إلى بدر ثم تناقصه ، ثم التملّي بجلاله وجماله ، كأنه يغسل النفس والقلب .

وقل أن يستيقظ قلب لمشهد الليل عند إدباره ، في تلك الهدأة التي تسبق الشروق ، وعندما يبدأ هذا الوجود كله يفتح عينيه ويفيق ، ثم لا ينطبع فيه أثر من هذا المشهد ، وتدبّ في أعماقه خطرات رفّافة شفّافة .

وقلّ أن يستيقظ قلب لمشهد الصبح عند إسفاره وظهوره ، لا تنبض فيه نابضة من إشراق وتفتح ، وانتقال شعوري من حال إلى حال ، يجعله أشد ما يكون صلاحية لاستقبال النور الذي يشرق في الضمائر ، مع النور الذي يشرق في النواظر .

ولله تعالى الذي خلق القلب البشري ، ويعلم ما ينبعث فيه ، من استقبال ما في القمر ، وما في الليل ، وما في الصبح ، من عجائب الدقة المبدعة ، والحكمة المدبّرة ، والتنسيق الإلهي لهذا الكون ، لذلك يلفت القرآن النظر إلى جمال الكون ونظامه ، بتلك الدقة البالغة التي يحيّر تصورها العقولvi .

وجاء في التفسير المنير للدكتور وهبة الزحيلي ما يأتي :

أقسم الله تعالى بالقمر والليل والصبح تشريفا لها ، وتنبيها على ما يظهر بها وفيها من عجائب الله وقدرته ، وقوام الوجود بإيجادها ، والمقسم عليه أن سقر ( جهنم ) إحدى الدواعي ، وأنها نذير للبشر أو ذات إنذار . اه .