البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لِمَن شَآءَ مِنكُمۡ أَن يَتَقَدَّمَ أَوۡ يَتَأَخَّرَ} (37)

والظاهر أن لمن بدل من البشر بإعادة الجار ، وأن يتقدم منصوب بشاء ضمير يعود على من .

وقيل : الفاعل ضمير يعود على الله تعالى ، أي لمن شاء هو ، أي الله تعالى .

وقال الحسن : هو وعيد ، نحو قوله تعالى : { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } قال ابن عطية : هو بيان في النذارة وإعلام بأن كل أحد يسلك طريق الهدى والحق إذا حقق النظر ، إذ هو بعينه يتأخر عن هذه الرتبة بغفلته وسوء نظره . ثم قوى هذا المعنى بقوله تعالى : { كل نفس بما كسبت رهينة } .

وقال الزمخشري : { أن يتقدم } في موضع الرفع بالابتداء ، و { لمن شاء } خبر مقدم عليه ، كقولك لمن توضأ : أن يصلي ، ومعناه مطلق لمن شاء التقدم أو التأخر أن يتقدم أو يتأخر .

والمراد بالتقدم والتأخر : السبق إلى الخير والتخلف عنه ، وهو كقوله : { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } .

انتهى ، وهو معنى لا يتبادر إلى الذهن وفيه حذف .

قيل : والتقدم : الإيمان ، والتأخر : الكفر .

وقال السدي : أن يتقدم إلى النار المتقدم ذكرها ، أو يتأخر عنها إلى الجنة .

وقال الزجاج : أن يتقدم إلى المأمورات ، أو يتأخر عن المنهيات .