في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ مَا سَأَلۡتُكُم مِّنۡ أَجۡرٖ فَهُوَ لَكُمۡۖ إِنۡ أَجۡرِيَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٞ} (47)

43

( قل : ما سألتكم من أجر فهو لكم . إن أجري إلا على الله . وهو على كل شيء شهيد ) . .

دعاهم في المرة الأولى إلى التفكر الهادى ء البريء . . ما بصاحبكم من جنة . . ويدعوهم هنا أن يفكروا ويسألوا أنفسهم عما يدعوه إلى القيام بإنذارهم بين يدي عذاب شديد . ما مصلحته ? ما بواعثه ? ماذا يعود عليه ? ويأمره أن يلمس منطقهم ويوقظ وجدانهم إلى هذه الحقيقة في صورة موحية :

( قل : ما سألتكم من أجر فهو لكم ) !

خذوا أنتم الأجر الذي طلبته منكم ! وهو أسلوب فيه تهكم . وفيه توجيه . وفيه تنبيه .

( إن أجري إلا على الله ) . .

هو الذي كلفني . وهو الذي يأجرني . وأجره هو الذي أتطلع إليه . ومن يتطلع إلى ما عند الله فكل ما عند الناس هين عنده هزيل زهيد لا يستحق التفكير .

( وهو على كل شيء شهيد ) . .

يعلم ويرى ولا يخفى عليه شيء . وهو عليّ شهيد . فيما أفعل وفيما أنوي وفيما أقول .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ مَا سَأَلۡتُكُم مِّنۡ أَجۡرٖ فَهُوَ لَكُمۡۖ إِنۡ أَجۡرِيَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٞ} (47)

وثَمَّ مانع للنفوس آخر عن اتباع الداعي إلى الحق ، وهو أنه يأخذ أموال من يستجيب له ، ويأخذ أجرة على دعوته . فبين اللّه تعالى نزاهة رسوله صلى الله عليه وسلم عن هذا الأمر فقال : { قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ } أي : على اتباعكم للحق { فَهُوَ لَكُمْ } أي : فأشهدكم أن ذلك الأجر - على التقدير - أنه لكم ، { إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } أي : محيط علمه بما أدعو إليه ، فلو كنت كاذبا ، لأخذني بعقوبته ، وشهيد أيضا على أعمالكم ، سيحفظها عليكم ، ثم يجازيكم بها .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قُلۡ مَا سَأَلۡتُكُم مِّنۡ أَجۡرٖ فَهُوَ لَكُمۡۖ إِنۡ أَجۡرِيَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٞ} (47)

ولما انتفى عنه بهذا ما خيلوا{[57125]} به ، بقي إمكان أن يكون لغرض أمر دنيوي فنفاه بأمره{[57126]} بقوله : { قل } أي للكفرة : { ما } أي مهما { سألتكم من أجر } أي على دعائي لكم { فهو لكم } لا أريد منه شيئاً ، وهو كناية عن أني لا أسألكم على دعائي لكم إلى الله أجراً أصلاً{[57127]} بوجه من الوجوه ، فإذا ثبت أن الدعاء ليس لغرض دنيوي ، وأن الداعي أرجح الناس عقلاً ، ثبت أن الذي حمله على تعريض نفسه لتلك الأخطار العظيمة إنما هو أمر الله الذي له الأمر كله . ولما كانوا يظنون به في بعض ظنونهم أنه يريد أمراً دنيوياً ، أكد قوله : { إن } أي ما { أجري إلا على الله } أي الذي لا أعظم منه ، فلا ينبغي لذي همة أن يبتغي شيئاً إلا من عنده { وهو } أي والحال أنه { على كل شيء شهيد * } أي بالغ العلم بأحواله ، فهو جدير بأن يهلك الظالم ويعلي كعب المطيع .


[57125]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: خيلوه.
[57126]:زيد من ظ وم ومد.
[57127]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أي صلا.