في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَنَبۡلُوَاْ أَخۡبَارَكُمۡ} (31)

16

والله يعلم حقائق النفوس ومعادنها ، ويطلع على خفاياها وخباياها ، ويعلم ما يكون من أمرها علمه بما هو كائن فعلا . فما هذا الابتلاء ? ولمن يكون العلم من ورائه بما يتكشف عنه ?

إن الله - جلت حكمته - يأخذ البشر بما هو في طوقهم ، وما هو من طبيعتهم واستعدادهم . وهم لا يعلمون عن الحقائق المستكنة ما يعلمه . فلا بد لهم من تكشف الحقائق ليدركوها ويعرفوها ويستيقنوها ، ثم ينتفعوا بها .

والابتلاء بالسراء والضراء ، وبالنعماء والبأساء ، وبالسعة والضيق ، وبالفرج والكرب . . كلها تكشف عما هو مخبوء من معادن النفوس ، وما هو مجهول من أمرها حتى لأصحابها . .

أما المراد بعلم الله لما تتكشف عنه النفوس بعد الابتلاء فهو تعلق علمه بها في حالتها الظاهرة التي يراها الناس عليها .

ورؤية الناس لها في صورتها التي تدركها مداركهم هو الذي يؤثر فيهم ويكيف مشاعرهم ، ويوجه حياتهم بوسائلهم الداخلة في طوقهم . وهكذا تتم حكمة الله في الابتلاء .

ومع هذا فإن العبد المؤمن يرجو ألا يتعرض لبلاء الله وامتحانه . ويتطلع إلى عافيته ورحمته . فإذا أصابه بلاء الله بعد هذا صبر له ، وهو مدرك لما وراءه من حكمة ؛ واستسلم لمشيئة الله واثقا من حكمته ، متطلعا الى رحمته وعافيته بعد الابتلاء .

وقد روي عن الفضيل العابد الصوفي أنه كان إذا قرأ هذه الآية بكى وقال : اللهم لا تبلنا . فإنك إن بلوتنا فضحتنا ، وهتكت أستارنا وعذبتنا . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَنَبۡلُوَاْ أَخۡبَارَكُمۡ} (31)

24

التفسير :

31- { ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم } .

تقوم الحياة على الابتلاء والاختبار ، قال تعالى :

{ الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا . . . } ( الملك : 2 ) .

وقال عز شأنه : { إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا } . ( الكهف : 7 ) .

فالله تعالى يعطي الإنسان الإمكانيات ، مثل المال أو الشباب أو العلم ، أو القدرة على الجهاد أو قول الحق ، ثم يكلفه الله تعالى أن يؤدي واجب الجهاد أو الزكاة أو قول الحق ، ليتبين المؤمنين من الكافرين والمنافقين .

جاء في صفوة التفاسير للشيخ محمد علي الصابوني ما يأتي :

{ ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين . . . }

أي : ولنختبرنكم أيها الناس بالجهاد وغيره من التكاليف الشاقة ، حتى نعلم -علم ظهور- المجاهدين في سبيل الله ، والصابرين على مشاق الجهاد .

{ ونبلو أخباركم } . ونختبر أعمالكم ، حسنها وقبيحها .

وجاء في التسهيل لعلوم التنزيل 4/50 ما يأتي :

المراد بقوله : { حتى نعلم } . أي نعلمه ظاهرا في الوجود ، تقوم به الحجة عليكم ، وقد علم الله الأشياء قبل كونها ، ولكنه أراد إقامة الحجة على عباده بما يصدر منهم .

وكان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية بكى وقال : اللهم لا تبتلنا ، فإنك إذا ابتليتنا فضحتنا وهتكت أستارنا )8 .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَنَبۡلُوَاْ أَخۡبَارَكُمۡ} (31)

قوله : { ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين } يخاطب الله المؤمنين بقوله : ولنمتحننكم بألوان البلاء من القتل ومجاهدة الأعداء حتى يتميز الصابرون الصادقون من الخائرين الكاذبين ، أو يتبين المخلصون من الكاذبين { ونبلوا أخباركم } أي نكشفها بالابتلاء فيتبين المطيع من العاصي{[4246]} .


[4246]:تفسير القرطبي جـ 16 ص 251، 253 وتفسير ابن كثير جـ 4 ص 180 وتفسير الرازي جـ 28 ص 70.