في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{نَّحۡنُ خَلَقۡنَٰهُمۡ وَشَدَدۡنَآ أَسۡرَهُمۡۖ وَإِذَا شِئۡنَا بَدَّلۡنَآ أَمۡثَٰلَهُمۡ تَبۡدِيلًا} (28)

يتلو ذلك التهوين من أمرهم عند الله الذي أعطاهم ما هم فيه من قوة وبأس ، وهو قادر على الذهاب بهم وتبديل غيرهم منهم . ولكنه يتركهم لحكمة يجري بها قدره القديم :

( نحن خلقناهم وشددنا أسرهم ، وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا ) . .

وهذه اللفتة تذكر هؤلاء الذين يعتزون بقوتهم ، بمصدر هذه القوة ، بل مصدر وجودهم ابتداء . ثم تطمئن الذين آمنوا - وهم في حالة الضعف والقلة - إلى أن واهب القوة هو الذي ينتسبون إليه وينهضون بدعوته . كما تقرر في نفوسهم حقيقة قدر الله وما وراءه من حكمة مقصودة ، هي التي تجري وفقها الأحداث حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين .

( وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا ) . . فهم لا يعجزون الله بقوتهم ، وهو خلقهم وأعطاهم إياها . وهو قادر على أن يخلق أمثالهم في مكانهم . . فإذا أمهلهم ولم يبدل أمثالهم فهو فضله ومنته وهو قضاؤه وحكمته . .

ومن هنا تكون الآية استطرادا في تثبيت الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] ومن معه ؛ وتقريرا لحقيقة موقفهم وموقف الآخرين . . كما أنها لمسة لقلوب هؤلاء المستغرقين في العاجلة ، المغترين بقوة أسرهم ، ليذكروا نعمة الله ، التي يتبطرون بها فلا يشكرونها ؛ وليشعروا بالابتلاء الكامن وراء هذه النعمة . وهو الابتلاء الذي قرره لهم في مطلع السورة .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{نَّحۡنُ خَلَقۡنَٰهُمۡ وَشَدَدۡنَآ أَسۡرَهُمۡۖ وَإِذَا شِئۡنَا بَدَّلۡنَآ أَمۡثَٰلَهُمۡ تَبۡدِيلًا} (28)

23

المفردات :

شددنا أسرهم : أحكمنا ربط مفاصلهم بالأعصاب والعروق .

بدلنا أمثالهم : أهلكناهم ، وبدلنا أمثالهم في شدة الخلق .

التفسير :

10- نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدّلنا أمثالهم تبديلا .

أي : نحن لا غيرنا ، خلقنا الناس جميعا من العدم ، ومنحناهم الحياة والقوة والسمع والبصر ، وأحكمنا خلقهم .

وشددنا أسرهم . . .

أحكمنا خلقهم وربط مفاصلهم بالأعصاب والعروق ، حتى كانوا أقوياء أشداء ، فكم في خلق الإنسان من عجائب ، أضف إلى ذلك جمال الخلق ، والتركيب والإبداع ، وتيسير الحركة ، واستخدام آلاته ، كاليدين والرجلين والأذنين ، والعينين والفم والأنف ، والأعضاء التناسلية ، وسائر القوى الموجودة بالإنسان فضلا عن العقل والمخ والأعصاب ، والفهم والذكاء والاستنباط .

قال تعالى : وفي أنفسكم أفلا تبصرون . ( الذاريات : 21 ) .

وقال تعالى : يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم* الذي خلقك فسوّاك فعدلك* في أي صورة ما شاء ركّبك . ( الانفطار : 6-8 ) .

وإذا شئنا بدّلنا أمثالهم تبديلا .

ولو أردنا لأهلكناهم وأوجدنا بدلهم خلقا آخر أطوع وأعبد لله منهم ، وقد وردت الآية مورد التهديد والوعيد .

وقريب من ذلك قوله تعالى : يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد* إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد* وما ذلك على الله بعزيز . ( فاطر : 15-17 ) .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{نَّحۡنُ خَلَقۡنَٰهُمۡ وَشَدَدۡنَآ أَسۡرَهُمۡۖ وَإِذَا شِئۡنَا بَدَّلۡنَآ أَمۡثَٰلَهُمۡ تَبۡدِيلًا} (28)

قوله : { نحن خلقناهم وشددنا أسرهم } الأسر معناه الخلق{[4715]} والمعنى : نحن خلقنا هؤلاء المشركين المكذبين من طين وشددنا خلقهم بتوصيل عظامهم وأعصابهم ومفاصلهم بعضها إلى بعض .

قوله : { وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا } يعني لو نشاء لأهلكناهم وجئنا بأطوع لله منهم . وهو قول ابن عباس . أو لو شئنا لذهبنا بهؤلاء المشركين المكذبين وجئنا بآخرين سواهم من جنسهم وأمثالهم من الخلق لكنهم مؤمنون بالله مذعنون لجلاله .


[4715]:مختار الصحاح ص 16.