ننساكم : نترككم في العذاب ترك المنسي .
كما نسيتم : كما تركتم الاستعداد للقاء ربكم في هذا اليوم .
34- { وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين } .
لقد شاهدوا العذاب واضحا أمامهم ، ثم يقال لهم على سبيل التبكيت والعتاب : لقد أنعمنا عليكم بالنعم ، وأرسلنا لكم الرسل فاستهزأتم بالمرسلين ، وأعرضتم عن الإيمان ، وتناسيتم القيامة والبعث والحشر والجزاء ، فاليوم نهملكم ونعاملكم معاملة من نسي وأهمل أمره ، وتنرك في النار خالدا ، فمآلكم النار هي دار إقامتكم ، ولا تجدون وليا ولا نصيرا .
وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى يقول لبعض العبيد يوم القيامة : ( ألم أزوجك ؟ ألم أكرمك ؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل ؟ وأذرك ترأس وتربع ؟ ، فيقول : بلى يا رب ، فيقول : أظننت أنك ملاقيّ ؟ فيقول : لا ، فيقول الله تعالى : فاليوم أنساك كما نسيتني )10 .
{ وقيل اليوم ننساكم } : أي وقال الله تعالى لهم اليوم ننساكم أي نترككم في النار .
{ كما نسيتم لقاء يومكم هذا } : أي مثل ما نسيتم يومكم هذا فلم تعملوا له بما ينجي فيه ، وهو الإِيمان والعمل الصالح ، وترك الشرك والمعاصي .
{ ومأواكم النار } : أي ومحل إقامتكم النار .
{ ومالكم من ناصرين } : أي من ناصرين ينصرونكم بإخراجكم من النار .
وقال لهم الرب تعالى{ اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا } أي نترككم في هذا النار كما تركتم العمل المنجي من هذا العذاب ، وهو الإيمان والعمل الصالح بعد التخلي عن الشرك والمعاصي . ومأواكم النار أي هي مأواكم ودار إقامتكم { ومالكم من ناصرين } أي وليس لكم من ينصركم فيخلصكم من النار .
{ وقيل } أي لهم على قطع الأحوال وأشدها قولاً لا معقب له ، فكأنه بلسان كل قائل : { اليوم ننساكم } أي نفعل معكم بالترك من جميع ما يصلحكم فعل-{[58391]} المنسي الذي نقطع{[58392]} عنه جميع إحساننا فيأتيه كل شر { كما نسيتم } وأضاف{[58393]} المصدر إلى ظرفه لما فيه من الرشاقة والبلاغة فقال تعالى : { لقاء يومكم هذا } أي الذي{[58394]} عملتم في أمره عمل الناسي له ، ومن نسي لقاء اليوم نسيء{[58395]} لقاء الكائن فيه بطريق الأولى ، وقد عابهم{[58396]} الله سبحانه تعالى بذلك أشد العيب{[58397]} لأن ما عملوه ليس من فعل الحزمة أن يتركوا ما ضرره محتمل لا يعتدون له ، وإنما هذا فعل الحمق الذين هم عندهم أسقاط لا-{[58398]} عبرة بهم ولا وزن لهم ، وعبر بالنسيان ؛ لأن علمه مركوز في طبائعهم ، وعبر في فعله بالمضارع ليدل على الاستمرار ، وفي فعلهم بالماضي ليدل على أن من وقع {[58399]}منه ذلك{[58400]} وقتاً ما وإن قل كان على خطر عظيم بتعريض نفسه لاستمرار الإعراض عنه .
ولما كان تركه على هذا الحال يلزم منه استمرار العذاب ، صرح به إيضاحاً له لئلا يظن غير ذلك ، فقال مبيناً لحالهم : { ومأواكم النار } ليس لكم براح عنها أصلاً ، لأن أعمالكم أدخلتكموها ، ولا يخرج منها إلا من أذنا في إخراجه ، نحن قد جعلناكم في عداد المنسي فلا يكون من قبلنا لكم فرج { وما لكم } في نفس الأمر سواء أفكرتم وأنتم مكذبون{[58401]} في مدافعة هذا اليوم أو تركتموه ترك المنسي { من ناصرين * } ينقذونكم من ذلك بشفاعة ولا مقاهرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.