في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡبَٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَٰلَهُمۡ} (3)

ولم كان هذا وكان ذاك ? إنها ليست المحاباة . وليست المصادفة . وليس الجزاف . إنما هو أمر له أصله الثابت ، المرتبط بالناموس الأصيل الذي قام عليه الوجود يوم خلق الله السماوات والأرض بالحق ، وجعل الحق هو الأساس :

( ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل ، وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم ) . .

والباطل ليست له جذور ضاربة في كيان هذا الوجود ؛ ومن ثم فهو ذاهب هالك ؛ وكل من يتبعه وكل ما يصدر عنه ذاهب هالك كذلك . ولما كان الذين كفروا اتبعوا الباطل فقد ضلت أعمالهم ، ولم يبق لهم منها شيء ذو غناء .

والحق ثابت تقوم عليه السماوات والأرض ، وتضرب جذوره في أعماق هذا الكون . ومن ثم يبقى كل ما يتصل به ويقوم عليه . ولما كان الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم ، فلا جرم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم .

فهو أمر واضح مقرر يقوم على أصوله الثابتة ، ويرجع إلى أسبابه الأصلية . وما هو فلتة ولا مصادفة ولا جزاف ( كذلك يضرب الله للناس أمثالهم ) . وكذلك يضع لهم القواعد التي يقيسون إليها أنفسهم وأعمالهم . فيعلمون المثل الذي ينتمون إليه ويقاسون عليه . ولا يحتارون في الوزن والقياس !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡبَٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَٰلَهُمۡ} (3)

1

المفردات :

اتبعوا الباطل : الشرك أو الشيطان .

اتبعوا الحق : التوحيد والقرآن .

يضرب الله للناس أمثالهم : يبين لهم مآل أعمالهم ، وما يصيرون إليه في ميعادهم .

التفسير :

3- { ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم } .

ذلك الجزاء العادل بإكرام المؤمنين ، وعقوبة الكافرين ، سببه أن الذين كفروا ساروا وراء الباطل والكفر والإعراض عن القرآن وهدايته ، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم وبيانه ، والعقل الإنساني وحكمته ، بينما نجد أن الذين آمنوا اتبعوا الحق والعدل ، وهدى القرآن ، وبيان محمد صلى الله عليه وسلم ، فاستحق الكفار النار ، واستحق المؤمنون التوفيق في الدنيا ، والجنة في الآخرة .

{ كذلك يضرب الله للناس أمثالهم } .

مثل ذلك البيان الرائع ، يبين الله للناس أحوال الفريقين ، الجارية مجرى الأمثال في الغرابة ، ويظهر مآل أعمالهم ، وما يصيرون إليه في ميعادهم .

( وضرب المثل في الآية هو أن الله جعل إتباع الباطل مثلا لعمل الكفار ، وإتباع الحق مثلا لعمل المؤمنين )2 .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡبَٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَٰلَهُمۡ} (3)

شرح الكلمات :

{ ذلك } : أي إضلال أعمال الكافرين وتكفير سيئات المؤمنين .

{ بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل } : أي الشيطان في كل ما يمليه عليهم ويزينه لهم من الكفر والشرك والمعاصي .

{ وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم } : أي التوحيد والعمل الصالح .

{ كذلك يضرب الله للناس أمثالهم } : أي كما بيّن تعالى حال الكافرين ، وحال المؤمنين في هذه الآية يبين للناس أمثالهم ليعتبروا .

المعنى :

وقوله تعالى { ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل } وهو الشيطان وما يزينه من أعمال الشرك والشر والفساد ، { وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم } وهو القرآن وما جاء به ودعا إليه من العقائد الصحيحة والعبادات المزكية للنفس المهذبة للأرواح أي ذلك الجزاء للذين كفروا والذين آمنوا بسبب أن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم . وقوله تعالى { كذلك يضرب الله للناس أمثالهم } أي مثل هذا التبيين لحال الكافرين وحال المؤمنين في هذه الآيات يبّين الله للناس أمثالهم أي أحوالهم بالخسران والنجاح ليعتبروا فيسلكوا سبيل النجاح ، ويتجنبوا سبيل الخسران ، فضلا منه تعالى .

/ذ3

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡبَٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَٰلَهُمۡ} (3)

{ ذلك } الإضلال والتكفير لاتباع الكافرين الباطل وهو الشيطان واتباع المؤمنين الحق وهو القرآن { كذلك يضرب الله للناس أمثالهم } أي كالبيان الذي ذكر يبين الله للناس أمثال سيئات الكافرين وحسنات المؤمنين

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡبَٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَٰلَهُمۡ} (3)

قوله تعالى : " ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم " " ذلك " في موضع رفع ، أي الأم ذلك ، أو ذلك الإضلال والهدى المتقدم ذكرهما سببه هذا . فالكافر اتبع الباطل ، والمؤمن اتبع الحق . والباطل : الشرك . والحق : التوحيد والإيمان . " كذلك يضرب الله للناس أمثالهم " أي كهذا البيان الذي بين يبين الله للناس أمر الحسنات والسيئات . والضمير في " أمثالهم " يرجع إلى الذين كفروا والذين آمنوا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡبَٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَٰلَهُمۡ} (3)

ولما كان الجزاء من جنس العمل ، علل ما تقدم من فعله بالفريقين بقوله : { ذلك } أي الأمر العظيم الذي ذكر هنا من جزاء الطائفتين { بأن } أي بسبب أن { الذين كفروا } أي ستروا مرائي عقولهم { اتبعوا } أي بغاية جهدهم ومعالجتهم لما قادتهم إليه فطرهم الأولى { الباطل } من العمل الذي لا حقيقة له-{[59299]} في الخارج يطابقه ، وذلك هو الابتداع والميل مع الهوى {[59300]}إيثاراً للحظوظ{[59301]} فضلوا { وأن الذين آمنوا } أي ولو كانوا{[59302]} في أقل درجات الإيمان { اتبعوا } أي بغاية جهدهم متابعين لما تدعو إليه الفطرة الأولى مخالفين لنوازع الشهوات ودواعي الحظوظ على كثرتها وقوتها { الحق } أي الذي له واقع يطابقه وذلك هو الحكمة و{[59303]}هي العمل بموافقة العلم وهو معرفة المعلوم على ما هو-{[59304]} عليه { من ربهم } الذي أحسن إليهم بإيجادهم وما سببه من حسن اعتقادهم فاهتدوا .

ولما {[59305]}علم من{[59306]} هذا أن باطن حال الذين كفروا الباطل ، وباطن حال الذين آمنوا الحق ، وتقدم في البقرة أن المثل هو ما يتحصل في باطن الإدراك من حقائق الأشياء المحسوسة ، فيكون ألطف من الشيء المحسوس ، وأن ذلك هو وجه الشبه ، علم أن مثل كل من الفريقين ما علم{[59307]} من باطن حاله-{[59308]} فمثل الأول الباطل ومثل{[59309]} الثاني الحق ، فلذلك{[59310]} قال سبحانه استئنافاً جواباً لمن كأنه قال لما أدركه من دهش العقل لما راعه من علو هذا المقال : هل يضرب-{[59311]} مثل مثل هذا : { كذلك } أي مثل هذا الضرب العظيم الشأن { يضرب الله } أي-{[59312]} الذي له الإحاطة بجميع صفات الكمال { للناس } أي كل من{[59313]} فيه قوة الاضطراب والحركة { أمثالهم * } أي أمثال أنفسهم وأمثال الفريقين المتقدمين أو أمثال جميع الأشياء التي{[59314]} يحتاجون إلى بيان{[59315]} أمثالها مبيناً لها مثل هذا البيان ليأخذ كل واحد من ذلك جزاء حاله ، فقد علم من هذا المثل أن من اتبع الباطل أضل الله عمله ووفر سيئاته وأفسد باله ، ومن اتبع الحق عمل به ضد{[59316]} ذلك كائناً من كان ، وهو غاية الحث{[59317]} على طلب العلم في{[59318]} كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والعمل{[59319]} بهما .


[59299]:زيد من ظ و م ومد.
[59300]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: أمان الخطوبا.
[59301]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: أمان الخطوبا.
[59302]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: كان.
[59303]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: التي.
[59304]:زيد من م ومد.
[59305]:تكرر ما بين الرقمين في الأصل و ظ.
[59306]:تكرر ما بين الرقمين في الأصل و ظ.
[59307]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: لم.
[59308]:زيد من م ومد.
[59309]:سقط من م ومد.
[59310]:سقط من م ومد.
[59311]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: فذلك.
[59312]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: فذلك.
[59313]:زيد في الأصل: كان، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59314]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: الذي.
[59315]:زيد في الأصل و ظ: جميع ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[59316]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: حبل-كذا.
[59317]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: الحب.
[59318]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: من.
[59319]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: العلم.