فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡبَٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَٰلَهُمۡ} (3)

والإشارة بقوله : { ذلك } إشارة إلى ما مرّ مما أوعد به الكفار ، ووعد به المؤمنين ، وهو مبتدأ خبره ما بعده ، وقيل : إنه خبر مبتدأ محذوف أي : الأمر ذلك بسبب { أَنَّ الذين كَفَرُواْ اتبعوا الباطل وَأَنَّ الذين ءامَنُواْ اتبعوا الحق مِن رَّبّهِمْ } فالباطل : الشرك ، والحق : التوحيد والإيمان ، والمعنى : أن ذلك الإضلال لأعمال الكافرين بسبب اتباعهم الباطل من الشرك بالله والعمل بمعاصيه ، وذلك التكفير لسيئات المؤمنين وإصلاح بالهم ، بسبب اتباعهم للحقّ الذي أمر الله باتباعه من التوحيد والإيمان وعمل الطاعات { كَذَلِكَ يَضْرِبُ الله لِلنَّاسِ أمثالهم } أي مثل ذلك الضرب يبين للناس أمثالهم : أي أحوال الفريقين الجارية مجرى الأمثال في الغرابة . قال الزجاج : { كذلك يضرب } يبين الله للناس أمثال حسنات المؤمنين وإضلال أعمال الكافرين : يعني أن من كان كافراً أضلّ الله عمله ، ومن كان مؤمناً كفر الله سيئاته .

/خ12