ولما كان الجزاء من جنس العمل ، علل ما تقدم من فعله بالفريقين بقوله : { ذلك } أي الأمر العظيم الذي ذكر هنا من جزاء الطائفتين { بأن } أي بسبب أن { الذين كفروا } أي ستروا مرائي عقولهم { اتبعوا } أي بغاية جهدهم ومعالجتهم لما قادتهم إليه فطرهم الأولى { الباطل } من العمل الذي لا حقيقة له-{[59299]} في الخارج يطابقه ، وذلك هو الابتداع والميل مع الهوى {[59300]}إيثاراً للحظوظ{[59301]} فضلوا { وأن الذين آمنوا } أي ولو كانوا{[59302]} في أقل درجات الإيمان { اتبعوا } أي بغاية جهدهم متابعين لما تدعو إليه الفطرة الأولى مخالفين لنوازع الشهوات ودواعي الحظوظ على كثرتها وقوتها { الحق } أي الذي له واقع يطابقه وذلك هو الحكمة و{[59303]}هي العمل بموافقة العلم وهو معرفة المعلوم على ما هو-{[59304]} عليه { من ربهم } الذي أحسن إليهم بإيجادهم وما سببه من حسن اعتقادهم فاهتدوا .
ولما {[59305]}علم من{[59306]} هذا أن باطن حال الذين كفروا الباطل ، وباطن حال الذين آمنوا الحق ، وتقدم في البقرة أن المثل هو ما يتحصل في باطن الإدراك من حقائق الأشياء المحسوسة ، فيكون ألطف من الشيء المحسوس ، وأن ذلك هو وجه الشبه ، علم أن مثل كل من الفريقين ما علم{[59307]} من باطن حاله-{[59308]} فمثل الأول الباطل ومثل{[59309]} الثاني الحق ، فلذلك{[59310]} قال سبحانه استئنافاً جواباً لمن كأنه قال لما أدركه من دهش العقل لما راعه من علو هذا المقال : هل يضرب-{[59311]} مثل مثل هذا : { كذلك } أي مثل هذا الضرب العظيم الشأن { يضرب الله } أي-{[59312]} الذي له الإحاطة بجميع صفات الكمال { للناس } أي كل من{[59313]} فيه قوة الاضطراب والحركة { أمثالهم * } أي أمثال أنفسهم وأمثال الفريقين المتقدمين أو أمثال جميع الأشياء التي{[59314]} يحتاجون إلى بيان{[59315]} أمثالها مبيناً لها مثل هذا البيان ليأخذ كل واحد من ذلك جزاء حاله ، فقد علم من هذا المثل أن من اتبع الباطل أضل الله عمله ووفر سيئاته وأفسد باله ، ومن اتبع الحق عمل به ضد{[59316]} ذلك كائناً من كان ، وهو غاية الحث{[59317]} على طلب العلم في{[59318]} كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والعمل{[59319]} بهما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.