السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡبَٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَٰلَهُمۡ} (3)

{ ذلك } أي : الأمر العظيم الذي ذكر هنا من جزاء الطائفتين . { بأن } أي : بسبب أن { الذين كفروا } أي : ستروا مرائي عقولهم { اتبعوا } أي : بغاية جهدهم ومعالجتهم { الباطل } من العمل الذي لا حقيقة له في الخارج تطابقه وذلك هو الابتداع والميل مع الهوى فضلوا { وأن الذين آمنوا } أي : ولو كانوا في أقل درجات الإيمان { اتبعوا } أي بغاية جهدهم { الحق } أي الذي له واقع يطابقه وذلك هو الحكمة وهو العلم بموافقة العمل وهو معرفة المعلوم على ما هو عليه { من ربهم } أي : الذي أحسن إليهم بإيجادهم وما سببه من حسن اعتقادهم فاهتدوا { كذلك } أي : مثل هذا الضرب العظيم الشأن { يضرب الله } أي : الذي له الإحاطة بجميع صفات الكمال { للناس } أي : كل من فيه قوّة الاضطراب والحركة { أمثالهم } أي : أمثال أنفسهم ، أو أمثال الفريقين المتقدّمين ، أو أمثال جميع الأشياء التي يحتاجون إلى بيان أمثالها ، مبيناً لها مثل هذا البيان ، ليأخذ كل أحد من ذلك جزاء حاله ، فقد علم من هذا المثل أنّ من اتبع الباطل أضلّ الله تعالى عمله ، ووفر سيئاته ، وأفسد باله ومن اتبع الحق عمل به ضد ذلك كائناً من كان . وهو غاية الحث على طلب العلم في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والعمل بها .