اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡبَٰطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلۡحَقَّ مِن رَّبِّهِمۡۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَٰلَهُمۡ} (3)

قوله : { بِأَنَّ الذين كَفَرُواْ اتبعوا الباطل } أي الشيطان . وقيل : قول كبرائهم ، ودين آبائهم { الذين آمَنُواْ اتبعوا الحق مِن رَّبِّهِمْ } يعني القرآن . وقيل : الحق هو الله تعالى : وعلى هذا فلا يكون قوله : «من ربهم » متعلقاً بالحق وإنما يتعلق بقوله تعالى : { اتبعوا } أي اتبعوا من ربهم ، أو من فضل الله أو هداية ربهم اتبعوا بالحق ؛ وهو الله تعالى .

ويحتمل أن يقال : قوله : { مِن رَّبِّهِمْ } عائد إلى الفريقين جميعاً ، أي من ربهم اتبع هؤلاء الباطل ، وهؤلاء الحق ، وأي من حكم ربهم ومن عند ربهم{[51197]} .

قوله : «كذلك يضرب » خرجه الزمخشري على مثل ذلك الضرب يضرب الله للناس أمثالهم{[51198]} ( والضمير راجع إلى الفريقين أو إلى الناس على معنى أنه يضرب أمثالهم ){[51199]} لأجل الناس ليعتبروا ( انتهى ){[51200]} .

فصل

قال الزجاج : معناه كذلك بين الله أمثال حسنات المؤمنين وإضلال أعمال الكافرين{[51201]} . والمراد بالأمثال الأشكال . وقيل : بين كون الكافر متبعاً للباطل وكون المؤمن متبعاً للحق . والضمير في قوله { أَمْثَالَهُمْ } فيه وجهان :

أحدهما : أنه يعود إلى الناس ، كأنه تعالى قال : يضرب للناس أمثال أنْفُسِهِمْ .

والثاني : يعود إلى الفريقين السابقين ، والمعنى يضرب الله للناس أمثال الفريقين السَّابقين{[51202]} .


[51197]:الرازي 28/42.
[51198]:الكشاف المرجع السابق.
[51199]:ما بين القوسين ساقط من (ب).
[51200]:زيادة من (ب).
[51201]:معاني القرآن وإعرابه 5/3.
[51202]:الكشاف 3/530 والرازي 28/42 و43.