في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ} (3)

1

والليلة التي تتحدث عنها السورة هي الليلة التي جاء ذكرها في سورة الدخان : ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ، إنا كنا منذرين ، فيها يفرق كل أمر حكيم . أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين . رحمة من ربك إنه هو السميع العليم ) . . والمعروف أنها ليلة من ليالي رمضان ، كما ورد في سورة البقرة : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) . . أي التي بدأ فيها نزول القرآن على قلب الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] ليبلغه إلى الناس . وفي رواية ابن إسحاق أن أول الوحي بمطلع سورة العلق كان في شهر رمضان ، ورسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يتحنث في غار حراء .

وقد ورد في تعيين هذه الليلة آثار كثيرة . بعضها يعين الليلة السابعة والعشرين من رمضان . وبعضها يعين الليلة الواحدة والعشرين . وبعضها يعينها ليلة من الليالي العشر الأخيرة . وبعضها يطلقها في رمضان كله . فهي ليلة من ليالي رمضان على كل حال في أرجح الآثار .

واسمها : ( ليلة القدر ) . . قد يكون معناه التقدير والتدبير . وقد يكون معناه القيمة والمقام . وكلاهما يتفق مع ذلك الحدث الكوني العظيم . حدث القرآن والوحي والرسالة . . وليس أعظم منه ولا أقوم في أحداث هذا الوجود . وليس أدل منه كذلك على التقدير والتدبير في حياة العبيد .

وهي خير من ألف شهر . والعدد لا يفيد التحديد . في مثل هذه المواضع من القرآن . إنما هو يفيد التكثير . والليلة خير من آلاف الشهور في حياة البشر . فكم من آلاف الشهور وآلاف السنين قد انقضت دون أن تترك في الحياة بعض ما تركته هذه الليلة المباركة السعيدة من آثار وتحولات .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ} (3)

المفردات :

خير من ألف شهر : ثواب العبادة فيها خير من ألف شهر ، والعدد لا يفيد التحديد وإنما يفيد التكثير فهي خير من آلاف الشهور في حياة البشر .

التفسير :

3- ليلة القدر خير من ألف شهر .

لقد الله ثواب العبادة والعمل الصالح في هذه الليلة أكثر من ثواب العبادة في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، وتلك منن من الله لا بد أن نحرص على اقتناصها .

وفي الحديث الشريف : ( في رمضان ليلة خير من ألف شهر ، من حرم ثوابها فقد حرم ) .

فهي منحة ربانية ، وعطاء إلهي للعالمين والراغبين ، حيث يعطي العطاء الجزيل على العمل القليل .

وقد ورد في الصحيح أنها في العشر الأواخر من رمضان ، روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إني أريت ليلة القدر ثم نسّيتها أو أنسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان )ii .

وقد ورد في الأثر أنها في أوتار العشر الأواخر ، أي في إحدى ليالي 21 ، 23 ، 25 ، 27 ، 29 ، والسر في إخفائها أن يجدّ المؤمن ويحتفي بشهر رمضان لاحتمال أن يصادفها ، فقد كثرت الآراء في تحديدها حتى قيل : إنها في أول ليلة من ليالي شهر رمضان ، وقيل : ليلة 17 من رمضان ، والأكثرون على أنها ليلة 27 من رمضان .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ} (3)

{ ليلة القدر خير من ألف شهر } معناه : أن من قامها كتب الله له أجر العبادة في ألف شهر ، قال بعضهم : يعني في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " ، وسبب الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا ممن تقدم عبد الله ألف شهر ، فعجب المسلمون من ذلك ، ورأوا أن أعمارهم تنقص عن ذلك ، فأعطاهم الله ليلة القدر ، وجعلها خيرا من العبادة في تلك المدة الطويلة ، وروي أن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما عوتب حين بايع معاوية ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المنام بني أمية ينزون على منبره نزو القردة ، وأعلمه أنهم يملكون أمر الناس ألف شهر ، فاغتم لذلك فأعطاه الله ليلة القدر وهي خير من ملك بني أمية ألف شهر ، ثم كشف الغيب أنه كان من بيعة الحسن لمعاوية إلى قتل مروان الجعدي آخر ملوك بني أمية بالمشرق ألف شهر .