آنٍ : متناه في الحرارة ، لا يُستطاع شربه من شدة حرارته .
44- { يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آَنٍ } .
يترددون بين العذاب في جهنم ، وشرب ماء شديد الحرارة يشوي الوجوه ، ويقطّع الأمعاء .
يطوفون مرة بين الحميم ومرة بين الجحيم ، والجحيم : النار ، والحميم : الشراب الذي انتهى حرّه .
الحميم : هو الشراب الذي هو كالنحاس المذاب ، يقطّع الأمعاء والأحشاء ، وهذا كقوله تعالى : { إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ } . ( غافر : 71-72 ) .
وقوله تعالى : آَنٍ . أي : حار قد بلغ الغاية في الحرارة .
قد انتهى غليه ، واشتد حرّه وقوله : حَمِيمٍ آَنٍ . أي : حميم حار جدا .
ثم استأنف ما يفعل بهم فيها فقال : { يطوفون بينها } أي بين دركة النار التي تتجهمهم { وبين حميم } أي ماء حار هو من شدة حرارته ذو دخان .
ولما كان هذا الاسم يطلق على البارد ، بين أمره فقال : { آن } أي بالغ حره إلى غاية ليس وراءها غاية ، قال الرازي في اللوامع : وقيل : حاضر ، وبه سمي الحال بالآن لأنه الحاضر الموجود ، فإن الماضي لا تدارك{[61967]} له والمستقبل أمل وليس لنا إلا الآن ، ثم " الآن " ليس بثابت طرفة عين ، لأن الآن هوالجزء{[61968]} المشترك بين زمانين ، فهم دائماً يترددون بين عذابي النار المذيبة للظاهر والماء المقطع بحره للباطن الذي لا يزال حاضراً لهم تردد الطائف الذي لا أول لتردده ولا آخر .