في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يُرِيدُونَ لِيُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (8)

( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم . والله متم نوره ولو كره الكافرون ) . .

وهذا النص القرآني يعبر عن حقيقة ، ويرسم في الوقت ذاته صورة تدعو إلى الرثاء والاستهزاء ! فهي حقيقة أنهم كانوا يقولون بأفواههم : ( هذا سحر مبين ) . . ويدسون ويكيدون محاولين القضاء على الدين الجديد . وهي صورة بائسة لهم وهم يحاولون إطفاء نور الله بنفخة من أفواههم وهم هم الضعاف المهازيل !

( والله متم نوره ولو كره الكافرون ) . . وصدق وعد الله . أتم نوره في حياة الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] فأقام الجماعة الإسلامية صورة حية واقعة من المنهج الإلهي المختار . صورة ذات معالم واضحة وحدود مرسومة ، تترسمها الأجيال لا نظرية في بطون الكتب ، ولكن حقيقة في عالم الواقع . وأتم نوره فأكمل للمسلمين دينهم وأتم عليهم نعمته ورضي لهم الإسلام دينا يحبونه ، ويجاهدون في سبيله ، ويرضى أحدهم أن يلقى في النار ولا يعود إلى الكفر . فتمت حقيقة الدين في القلوب وفي الأرض سواء . وما تزال هذه الحقيقة تنبعث بين الحين والحين . وتنبض وتنتفض قائمة - على الرغم من كل ما جرد على الإسلام والمسلمين من حرب وكيد وتنكيل وتشريد وبطش شديد . لأن نور الله لا يمكن أن تطفئه الأفواه ، ولا أن تطمسه كذلك النار والحديد ، في أيدي العبيد ! وإن خيل للطغاة الجبارين ، وللأبطال المصنوعين على أعين الصليبيين واليهود أنهم بالغو هذا الهدف البعيد !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{يُرِيدُونَ لِيُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (8)

المفردات :

نور الله : الحق الذي جاء به الرسول ، من مثل قولهم : هذا سحر مفترى .

متمّ نوره : متمّ الحق ، ومبلّغه غايته .

سبب نزول الآية ( 8 ) :

جاء في تفسير القرطبي : حكى الماوردي ، عن عطاء ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أبطأ عليه الوحي أربعين يوما ، فقال كعب بن الأشرف : يا معشر اليهود أبشروا ، فقد أطفأ الله نور محمد فيما كان ينزل عليه ، وما كان ليتمّ أمره ، فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، واتصل الوحي بعدها .

التفسير :

8- { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } .

يريد المشركون بمكة واليهود بالمدينة أن يطفئوا نور دين الله ، وهو الإسلام ، وأن يوقفوا دعوة محمد صلى الله عليه وسلم وأنّى لهم ذلك ، فهم كمن يحاول أن يطفئ نور الشمس بنفخة من فمه ، أو من يريد أن يضرم النار في الرماد ، أو كمن يريد أن يصطاد العنقاء ، وهو مثل يضرب لمن يريد عمل المستحيل .

قال الشاعر :

أرى العنقاء تكبر أن تُصادا *** فعاند من تطيق له عنادا

{ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } .

تكفل الله تعالى بنصرة هذا الدين ، وحفظ القرآن الكريم ، ما دام أهله قائمين بأمر الله ، واتباع أوامره ، واجتناب نواهيه ، وقد انتصر الإسلام في مكة والمدينة والجزيرة العربية ، وامتد إلى بلاد الفرس والروم ، ومصر وشمال أفريقيا وآسيا ، ودانت له معظم الرقعة المعمورة في الأرض في مدى قرن من الزمان .

" ثم زحف زحفا سلميا بعد ذلك إلى قلب آسيا وأفريقيا ، حتى دخل فيه بالدعوة المجردة خمسة أضعاف من دخلوا في إبان الحركات الجهادية الأولى " xiii .

لقد أكمل الله للمسلمين دينهم ، وأتمّ عليهم نعمته ، ورضي لهم الإسلام دينا ، يحبونه ويجاهدون في سبيله ، لقد جرى قدر الله أن يظهر هذا الدين ، فنشره الله في الآفاق ، وأعلاه على الأديان .

روى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله زوى لي الأرض ، فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإنّ ملك أمتي ما زُوي لي منها " xiv

ومعنى : " زوى لي الأرض " ، أي : جمعها حتى رآها النبي صلى الله عليه وسلم ، والمعنى : أن هذا الدين سينتشر في مشارق الأرض ومغاربها .

وقد كان سبب نزول الآية أن الوحي تأخر على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوما ، ففرح كعب بن الأشرف ، وبشّر اليهود بانتهاء أمر محمد ، فأنزل الله هذه الآية ، واتصل الوحي بعدها ، وانتصر الإسلام على اليهودية الحاقدة في غزوات بني قينقاع وبني قريظة وبني النضير ، ثم فتحت خيبر .

وحاولت اليهودية الحاقدة بأصابعها وكيدها النيل من دولة الخلافة ، وزيّفت بطلا هو كمال أتاتورك ، وتحاول الآن اتباع أجزاء كبيرة من فلسطين ، لكن انتفاضة الشعب الفلسطيني مستمرة ، وأكتب الآن هذه السطور في شوال 1421ه - يناير 2001 والانتفاضة الفلسطينية مستمرة ، تقدم الشهداء كل يوم أمام عنت الصهيونية وتجبّرها ، واستخدامها الأسلحة المحرمة دوليا .

والأمل في الله أن يجمع شمل العرب والمسلمين ، وأن يُثبّت أقدامهم ، وأن ينزل عليهم نصره وفضله ومعونته ، إنه سبحانه : نعم المولى ونعم النصير . ( الأنفال : 40 ) .

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{يُرِيدُونَ لِيُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (8)

{ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ( 8 ) } .

يريد هؤلاء الظالمون أن يبطلوا الحق الذي بُعِثَ به محمد صلى الله عليه وسلم- وهو القرآن- بأقوالهم الكاذبة ، والله مظهر الحق بإتمام دينه ولو كره الجاحدون المكذِّبون .