في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ} (37)

ثم يعرض السياق مشهدا من مشاهد الدعوة في مكة ، والمشركون يسرعون الخطى إلى المكان الذي يكون فيه الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] يتلو القرآن . ثم يتفرقون حواليه جماعات . ويستنكر إسراعهم هذا وتجمعهم في غير ما رغبة في الاهتداء بما يسمعون :

فما للذين كفروا قبلك مهطعين ? عن اليمين وعن الشمال عزين ? . .

المهطع هو الذي يسرع الخطى مادا عنقه كالمقود . وعزين جمع عزة كفئة وزنا ومعنى . . وفي التعبير تهكم خفي بحركتهم المريبة . وتصوير لهذه الحركة وللهيئة التي تتم بها . وتعجب منهم . وتساؤل عن هذا الحال منهم ! وهم لا يسرعون الخطى تجاه الرسول ليسمعوا ويهتدوا ، ولكن فقط ليستطلعوا في دهشة ثم يتفرقوا كي يتحلقوا حلقات يتناجون في الكيد والرد على ما يسمعون !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ} (37)

ختام سورة المعارج .

{ فمال الذين كفروا قبلك مُهْطِعِينَ 36 عن اليمين وعن الشمال عزين 37 أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم 38 كلاّ إنا خلقناهم مما يعلمون 39 فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون 40 على أن نبدّل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين 41 فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون 42 يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون 43 خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلّة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون 44 }

المفردات :

قبلك : في الجهة التي تليك .

مهطعين : مسرعين نحوك ، مادّين أعناقهم إليك ، مقبلين بأبصارهم عليك ، ليظفروا بما يجعلونه هزوا .

عزين : فرقا شتّى ، حلقا حلقا ، واحدهم عزّة ، وأصلها عزوة ، لأن كل فرقة تعتزى وتنتسب إلى غير من تعتزى إليه الأخرى .

36

التفسير :

36 ، 37- فمال الذين كفروا قبلك مهطعين* عن اليمين وعن الشمال عزين .

كان كفار مكة يسرعون الخطى إلى الكعبة ، ويلتفون جماعات جماعات حول النبي صلى الله عليه وسلم ، يسمعون ما يقوله ثم يحرّفونه ، ويستهزئون بكلام النبي صلى الله عليه وسلم ، ويسخرون من فقراء المؤمنين ، ويقولون : إن دخل هؤلاء الجنة لندخلنّها قبلهم ، فأنزل الله هذه الآيات .

والمعنى :

أي شيء حملهم على الإسراع تجاه المكان الذي تجلس فيه يا محمد ، حال كونهم متحلّقين عن يمينك وشمالك ، فرقا متعددة ، كل فرقة تعتزى وتنتسب إلى غير ما تنتسب إليه الفرقة الأخرى ، لقد حرموا أنفسهم من الهدى ، وأمامهم رسول كريم يحمل وحي السماء ، فلم يهتدوا به ، وأصرّوا على الكفر والضلال ، ومحاولة الاستماع للقرآن استماع الباحث عن عيب ، الكاره للهداية ، فما أظلمهم لأنفسهم ، حيث باعوا الهدى واشتروا الضلالة ، مع قرب الوسيلة منهم ، فقد حرموا أنفسهم من أبلغ نافع ، مع وجوده قريبا منهم .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ} (37)

عِزين : جماعات مفردها عِزَة بكسر العين وفتح الزاي .

يجلِسُون حوالَيْك جماعاتٍ جماعات ، ليسمعوا ما تتلوه عليهم من آياتِ الله ، ثم يردّدونها فيما بينَهم ساخرين ! ! ولا يعون ما تُلقيه عليهم من رحمة الله وهدْيه ! ومثله قوله تعالى : { فَمَا لَهُمْ عَنِ التذكرة مُعْرِضِينَ } [ المدثر : 49 ] .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ} (37)

{ عن اليمين وعن الشمال عزين } حلقاً وفرقاً ، والعزين : جماعات في تفرقة ، واحدتها عزة .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ} (37)

{ عن اليمين وعن الشمال } عن جوانبك { عزين } جماعات حلقا حلقا وذلك أنهم كانوا يجتمعون عنده ويستهزئون به وبأصحابه ويقولون لئن دخل هؤلاء الجنة فلندخلنها قبلهم

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ} (37)

" عن اليمين وعن الشمال عزين " أي عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم وشماله حِلَقًا حِلَقًا وجماعات . والعزين : جماعات في تفرقة ، قاله أبو عبيدة . ومنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج على أصحابه فرآهم حلقا فقال : ( مالي أراكم عزين ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها - قالوا : وكيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال : يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف ) خرجه مسلم وغيره . وقال الشاعر :

تَرَانا عندَه والليلُ دَاجٍ *** على أبوابه حِلَقًا عِزينا

أي متفرقين . وقال الراعي :

أخليفة الرحمن إن عشيرتي *** أمسى سَرَاتُهُم إليك عِزينا

أي متفرقين . وقال آخر :

كأن الجماجم من وقعها *** خَنَاطِيل{[15367]} يهوين شتَّى عِزينا

أي متفرقين . وقال آخر :

فلما أن أتين على أُضاخٍ *** ضَرَحْنَ حَصَاهُ أشتاتا عِزينا{[15368]}

وقال الكميت :

ونحن وجندلٌ باغٍ تَرَكْنَا *** كتائبَ جندلٍ شتَّى عِزينا

وقال عنترة :

وقِرْنٍ قد تركتُ لذي وَلِيٍّ *** عليه الطيرُ كالعصبِ العِزِين

وواحد عزين عزة ، جمع بالواو والنون ليكون ذلك عوضا مما حذف منها . وأصلها عزهة ، فاعتلت كما اعتلت سنة فيمن جعل أصلها سنهة . وقيل : أصلها عِزوة ، من عزاه يعزوه إذا أضافه إلى غيره . فكل واحد من الجماعات مضافة إلى الأخرى ، والمحذوف منها الواو . وفي الصحاح : " والعزة الفرقة من الناس ، والهاء عوض من الياء ، والجمع عزى - على فعل - وعِزون وعُزون أيضا بالضم ، ولم يقولوا عِزات كما قالوا ثبات " . قال الأصمعي : يقال في الدار عزون ، أي أصناف من الناس . و " عن اليمين وعن الشمال " متعلق " بمهطعين " ويجوز أن يتعلق " بعزين " على حد قولك : أخذته عن زيد .


[15367]:الخناطيل: لا واحد لها من جنسها، وهي جماعات من الوحش والطير في تفرقة.
[15368]:أضاخ (بالضم): جبل يذكر ويؤنث. وقيل: هو موضع بالبادية يصرف ولا يصرف. ومعنى "ضرحن" نحين ودفعن.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ} (37)

ولما كان الذي يتطير فيراعي{[68457]} الأيامن والأشائم على ما تقدم في الصافات ، لا يترك ذلك إلا في أمر أدهش عقله وأطار لبه ، فلم يدعه يتأمل{[68458]} ، قال مشيراً إلى{[68459]} شدة اعتنائهم بهذا الإهطاع مع عدم التحفظ {[68460]}من شيء{[68461]} : { عن } أي متجاوزين إليك كل{[68462]} مكان كان عن جهة{[68463]} { اليمين } أي منك حيث يتمنون به { وعن الشمال } أي منك وإن كانوا يتشاءمون به { عزين * } أي حال كونهم جماعات جماعات وخلقاً خلقاً متفرقين فرقاً شتى أفواجاً يتمهلون ليأتوا جميعاً جمع عزة ، وأصلها عزوة لأن كل فرقة تعتزي إلى غير ما تعتزي إليه الأخرى ، جمع جمع{[68464]} سلامة شذوذاً .


[68457]:- في الأصل بياض ملأناه من ظ وم.
[68458]:- في الأصل بياض ملأنا من ظ وم.
[68459]:-زيد في الأصل: أنه، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[68460]:- من ظ وم، وفي الأصل: بشيء.
[68461]:- من ظ وم، وفي الأصل: بشيء.
[68462]:- من ظ وم، وفي الأصل: بكل.
[68463]:- زيد من ظ وم.
[68464]:- زيد من ظ وم.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ} (37)

قوله : { عن اليمين وعن الشمال عزين } عزين منصوب على الحال ، وهي بالرفع عزون . وهو جمع ومفرده عزة ، بكسر العين . وهي العصبة من الناس . عزاه إلى أبيه أي نسبه إليه{[4636]} يعني ما لهؤلاء المشركين عن يمينك وعن شمالك فرقا فرقا وحلقا حلقا . فقد كانوا يحتفّون حول النبي صلى الله عليه وسلم عصابة عصابة وجماعة جماعة ، يسخرون ويتهكمون ويقولون مستهزئين : إن دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد فلندخلنها قبلهم فنزل قوله سبحانه : { أيطمع كل مرئ منهم أن يدخل جنة النعيم } .


[4636]:القاموس المحيط ص 1690.