في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَأَنتُمۡ أَشَدُّ رَهۡبَةٗ فِي صُدُورِهِم مِّنَ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ} (13)

ثم يقرر حقيقة قائمة في نفوس المنافقين وإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب : ( لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله . ذلك بأنهم قوم لا يفقهون ) .

فهم يرهبون المؤمنين أشد مما يرهبون الله . ولو خافوا الله ما خافوا أحدا من عباده . فإنما هو خوف واحد ورهبة واحدة . ولا يجتمع في قلب خوف من الله وخوف من شيء سواه . فالعزة لله جميعا ، وكل قوى الكون خاضعة لأمره ، ( ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها )فمم يخاف إذن ذلك الذي يخاف الله ? ولكن الذين لا يفقهون هذه الحقيقة يخافون عباد الله أشد مما يخافون الله . . ( ذلك بأنهم قوم لا يفقهون ) . .

وهكذا يكشف عن حقيقة القوم الواقعة . ويقرر في الوقت ذاته تلك الحقيقة المجردة . ويمضي يقرر حالة قائمة في نفوس المنافقين والذين كفروا من أهل الكتاب ، تنشأ من حقيقتهم السابقة ، ورهبتهم للمؤمنين أشد من رهبتهم لله .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{لَأَنتُمۡ أَشَدُّ رَهۡبَةٗ فِي صُدُورِهِم مِّنَ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ} (13)

11

المفردات :

أشد رهبة : أي : إنهم يخافونكم في صدورهم أشد من خوفهم من الله .

لا يفقهون : لا يعلمون عظمته تعالى حتى يخشوه حق خشيته .

التفسير :

ثم ذكر السبب في عدم نصرتهم لليهود والدخول مع المؤمنين في قتال ، فقال :

13- { لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ } .

أي : إنهم يخافونكم أشد مما يخافون الله ، ومن ثم لم يجرءوا على الدخول معكم في قتال ، وتركوا اليهود يحكم عليهم الرسول بما شاء .

ثم ذكر سبب الرهبة لهم من دون الله ، فقال :

{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ } .

أي : وكانت هذه الرهبة لكم في صدورهم أشد من رهبتهم لله من أجل أنهم لا يفقهون قدر عظمته تعالى ، فهم لذلك يستخفّون بمعاصيه ولا يرهبون عقابه قدر رهبتهم لكم .

ونحو الآية قوله تعالى : { إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية . . . }( النساء : 77 ) .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{لَأَنتُمۡ أَشَدُّ رَهۡبَةٗ فِي صُدُورِهِم مِّنَ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ} (13)

ثم بين الله السببَ في عدم نُصرتهم لليهود ، والدخول مع المؤمنين في قتال فقال :

{ لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ الله ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } .

إنكم أيها المسلمون أشدّ مهابةً في صدور المنافقين واليهودِ من الله ، وذلك لأنهم قوم لا يعلمون حقيقة الإيمان .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لَأَنتُمۡ أَشَدُّ رَهۡبَةٗ فِي صُدُورِهِم مِّنَ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ} (13)

ولما كان ربما قيل : إن تركهم لنصرهم إنما هو لخوف الله أو غير ذلك مما يحسن وقعه{[64025]} ، علل بما ينفي ذلك ويظهر أن محط نظرهم المحسوسات كالبهائم فقال مؤكداً له لأجل أن أهل النفاق ينكرون ذلك وكذا من قرب حاله منهم : { لا أنتم } أيها المؤمنون { أشد رهبة } أي من جهة الرهبة وهو تمييز محول عن المبتدأ أي لرهبتكم الكائنة فيهم{[64026]} أشد وأعظم{[64027]} { في صدورهم } أي اليهود ومن ينصرهم {[64028]}مما أفاض{[64029]} إليها من قلوبهم { من الله } أي من رهبتهم التي يظهرونها لكم منه وإن ذكروه بكل صفة من صفاته فرهبتهم منكم بسبب لإظهارهم أنه يرهبون الله رياء لكم .

ولما كان هذا مما يتعجب منه المؤمن علله بقوله : { ذلك } أي الأمر الغريب وهو خوفهم الثابت اللازم من مخلوق مثلهم ضعيف يزينهم له وعدم خوفهم من الخالق على ما له من العظمة في ذاته ولكونه غنياً عنهم { بأنهم قوم } أي{[64030]} على ما لهم من القوة { لا يفقهون * } أي لا يتجدد لهم بسبب كفرهم واعتمادهم على مكرهم في وقت من الأوقات فهم يشرح صدورهم ليدركوا به أن الله هو الذي ينبغي إن يخشى لا غيره ، بل هم كالحيوانات لا نظر لهم إلى الغيب إنما هم مع المحسوسات ، والفقه هو العلم بمفهوم الكلام ظاهره الجلي وغامضه الخفي بسرعة فطنة وجودة قريحة .


[64025]:- من ظ وم، وفي الأصل: وقفة.
[64026]:- من ظ وم، وفي الأصل: فيكم.
[64027]:- في ظ وم: أعظمها.
[64028]:- في ظ: ينصرونهم.
[64029]:- من م، وفي الأصل و ظ: أقاص.
[64030]:- زيد من م.