البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لَأَنتُمۡ أَشَدُّ رَهۡبَةٗ فِي صُدُورِهِم مِّنَ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ} (13)

ثم خاطب المؤمنين بأن هؤلاء يخافونكم أشد خيفة من الله تعالى ، لأنهم يتوقعون عاجل شركم ، ولعدم إيمانهم لا يتوقعون أجل عذاب الله ، وذلك لقلة فهمهم ، ورهبة : مصدر رهب المبني للمفعول ، كأنه قيل : أشد مرهوبية ، فالرهبة واقعة منهم لا من المخاطبين ، والمخاطبون مرهوبون ، وهذا كما قال :

فلهو أخوف عندي إذ أكلمه *** وقيل إنك مأسور ومقتول

من ضيغم بثراء الأرض مخدره *** ببطن عثر غيل دونه غيل

فالمخبر عنه مخوف لا خائف ، والضمير في { صدورهم } .

قيل : لليهود ، وقيل : للمنافقين ، وقيل : للفريقين .

وجعل المصدر مقراً للرهبة دليل على تمكنها منهم بحيث صارت الصدور مقراً لها ، والمعنى : رهبتهم منكم أشد من رهبتهم من الله عز وجل .