اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَأَنتُمۡ أَشَدُّ رَهۡبَةٗ فِي صُدُورِهِم مِّنَ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ} (13)

قوله تعالى : { لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً } .

مصدر من «رُهِبَ » المبني للمفعول ، فالرهبة واقعة من المنافقين لا من المخاطبين ، كأنه قيل : لأنتم أشد رهوبية في صدورهم من الله ، فالمخاطبون مُرْهِبُونَ وهو قول كعب بن زهير - رضي الله عنه - في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ البسيط ]

فَلَهْوَ أخْوَفُ عِنْدِي إذْ أكَلِّمُهُ *** وقِيلَ إنَّكَ مَحْبُوسٌ ومَقْتُولُ

مِنْ ضَيْغَمٍ بِثَرَاءِ الأرْضِ مُخْدَرُهُ *** بِبَطْنِ عَثَّرَ غِيلٌ دُونَهُ غِيلُ{[56014]}

و«رَهْبَةً » تمييز{[56015]} .

فصل في معنى الآية

المعنى{[56016]} : لأنتم يا معشر المسلمين { أَشَدُّ رَهْبَةً } أي خوفاً وخشية في صدورهم من الله ، يعني صدور بني النضير .

وقيل : صدور المنافقين ، ويحتمل أن يرجع إلى الفريقين ، أي : يخافون منكم أكثر مما يخافون من ربهم ، «ذَلِكَ » إشارة إلى الخوف أي ذلك الخوف { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } قدر عظمة الله وقدرته حتى يخشوه حقَّ خشيته .


[56014]:البيتان لكعب بن زهير من قصيدته المشهورة (بانت سعاد). ينظر: ديوانه (20)، والمقرب لابن عصفور 1/71، 72، واللسان (عثر)، والدر المصون 6/298.
[56015]:ينظر الدر المصون 6/297، 298.
[56016]:ينظر: القرطبي 18/24.