نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{لَأَنتُمۡ أَشَدُّ رَهۡبَةٗ فِي صُدُورِهِم مِّنَ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ} (13)

ولما كان ربما قيل : إن تركهم لنصرهم إنما هو لخوف الله أو غير ذلك مما يحسن وقعه{[64025]} ، علل بما ينفي ذلك ويظهر أن محط نظرهم المحسوسات كالبهائم فقال مؤكداً له لأجل أن أهل النفاق ينكرون ذلك وكذا من قرب حاله منهم : { لا أنتم } أيها المؤمنون { أشد رهبة } أي من جهة الرهبة وهو تمييز محول عن المبتدأ أي لرهبتكم الكائنة فيهم{[64026]} أشد وأعظم{[64027]} { في صدورهم } أي اليهود ومن ينصرهم {[64028]}مما أفاض{[64029]} إليها من قلوبهم { من الله } أي من رهبتهم التي يظهرونها لكم منه وإن ذكروه بكل صفة من صفاته فرهبتهم منكم بسبب لإظهارهم أنه يرهبون الله رياء لكم .

ولما كان هذا مما يتعجب منه المؤمن علله بقوله : { ذلك } أي الأمر الغريب وهو خوفهم الثابت اللازم من مخلوق مثلهم ضعيف يزينهم له وعدم خوفهم من الخالق على ما له من العظمة في ذاته ولكونه غنياً عنهم { بأنهم قوم } أي{[64030]} على ما لهم من القوة { لا يفقهون * } أي لا يتجدد لهم بسبب كفرهم واعتمادهم على مكرهم في وقت من الأوقات فهم يشرح صدورهم ليدركوا به أن الله هو الذي ينبغي إن يخشى لا غيره ، بل هم كالحيوانات لا نظر لهم إلى الغيب إنما هم مع المحسوسات ، والفقه هو العلم بمفهوم الكلام ظاهره الجلي وغامضه الخفي بسرعة فطنة وجودة قريحة .


[64025]:- من ظ وم، وفي الأصل: وقفة.
[64026]:- من ظ وم، وفي الأصل: فيكم.
[64027]:- في ظ وم: أعظمها.
[64028]:- في ظ: ينصرونهم.
[64029]:- من م، وفي الأصل و ظ: أقاص.
[64030]:- زيد من م.